للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

في كتابه "البستان"- قال: كان عبد المطلب قد رأى في المنام كأن سلسلة من فضة قد خرجت من ظهره، لها طرف في السماء، وطرف في الأرض، وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة، على كل ورقة منها نور، وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون بها. فقصها، فعبرت له بمولود يكون من صلبه يتبعه أهل المشرق وأهل المغرب، ويحمده أهل السماء والأرض، فلذلك سماه محمدا، مع ما حدثته به أمه آمنة حين قيل لها: إنك حملت بسيد هذه الأمة، فإذا وضعتيه فسميه محمدا.


فسرها "في كتابه البستان قال: كان عبد المطلب قد رأى في المنام كأن سلسلة من فضة خرجة من ظهره لها طرف في السماء وطرف في الأرض".
هكذا ثبت في النسخ الصحيحة، وسقط في بعضها سهوا، فإنه ثابت في الروض عن الكتاب المذكور "وطرف في المشرق وطرف في المغرب، ثم عادت كأنها شجرة على كل ورقة منها نور" وعند أبي نعيم وما رأيت نورا أزهر منها أعظم من نور الشمس بسبعين ضعفا وهي تزداد كل ساعة عظما ونورا وارتفاعا وإذا أهل المشرق والمغرب كأنهم يتعلقون بها، وعند أبي نعيم ورأيت العرب والعجم لها ساجدين وناسا من قريش تعلقوا بها وقوما منهم يريدون قطعها، فإذا دنوا منها أخذهم شاب لم أر أحسن منه وجها، ولا أطيب ريحا فيكسر أظهرهم ويقلع أعينهم فرفعت يدي لأتناول منها، فلم أنل وقيل لي: النصيب للذين تعلقوا بها، "فقصها" على كاهنة قريش، كما لأبي نعيم "فعبرت" بكسر الموحدة مخففة في لغة القرءن {إِنْ كُنْتُمْ لِلرُّؤْيَا تَعْبُرُون} ، ومثقلة فيما أثبته في الكشاف اعتمادا على بيت أنشده المبرد في الكامل حيث قال:
رأيت رؤيا ثم عبرتها ... وكنت للأحلام عبارا
"له بمولود يكون من صلبه" بواسطة ذكر ولذا لم يقل من ذريته، لئلا يتوهم أنه من أولاد البنات "يتبعه أهل المشرق وأهل المغرب" تعبير لتعليقهم بالشجرة، "ويحمده أهل السماء والأرض" كأنه أخذ من التعلق إذ من تعلق بشخص حمده، ولا يراد أنه غير لازم لاحتمال أن التعلق للخوف منه؛ لأنه لا يخاف من الشجرة لا سيما وقد أعجبهم نورها المؤدي لمزيد الحمد وعمم الحمد بأهل السماء والأرض، وخص التبعية بالأرض؛ لأنهم كانوا على الضلال، فأنقذهم منه بخلاف السماء، فإيمانهم سابق على البعثة، فالمناسب لهم الحمد دون التبعية ولأن ظهور آثارها من التكاليف إنما هو لأهل الأرض، وأما أهل السماء ولو قلنا بالراجح من بعثه إليهم فغير مكلفين بتفاصيل الأحكام "فلذلك سماه محمدا مع ما حدثته به أمه آمنة حين قيل لها: إنك قد حملت بسيد هذه الأمة فإذا وضعتيه فسميه محمدا"، إلى هنا كلام السهيلي.

<<  <  ج: ص:  >  >>