"نعم نوزع في هذا بأنه كلام يطلقه من لا تحقيق عنده، فإن جبريل عليه السلام وغيره من الملائكة المكرمين بالإرسال رسل" لقوله تعالى: {وَلَقَدْ جَاءَتْ رُسُلُنَا إِبْرَاهِيم} {يَا لُوطُ إِنَّا رُسُلُ رَبِّك} الآية، الله يصطفي من الملائكة رسلا "لا أنبياء" لأنه لم يرد إطلاق الأنبياء عليهم فلا يصح أن الرسول أخص "فالانفصال" أي التخلص "عنه" عن هذا الذي نوزع به "بأن يقيد الفرق بين الرسول والنبي بالرسول البشري" لا الملكي إذ ليس الكلام فيه وجزم بهذا أي أنه لا يسمى الملك نبيا عياض والنووي والحافظ وغيرهم ولا يرد أنهم مخبرون عن الله، ولهم عنده رتبة فيصح تسميتهم أنبياء لأن علة التسمية، لا تطرد، والإلزام أن تسمى الصحابة أنبياء لأنهم أخبروا بالقرآن والأحكام ولهم عند الله شرف ومكانة وهذا باطل أجماعا، والعلماء إنما أخذوا وجه التسمية لوروده: {إِنَّا أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ} وكان صديقا نبيا، وفي إسماعيل وموسى، وكان رسولا نبيا، ولم يرد تسمية الملائكة إلا بالرسل، فلا يقاس عليه ما لم يرد لمجرد صحة المعنى؛ إذ المسألة نقلية لا عقلية، وإما استدلال بعضهم بأن الله أوحى إليهم، لا يعصون الله ما أمرهم، ويفعلون ما يؤمرون، وهذه حقيقة النبوة البشرية يوحى إلى الواحد منهم بشرع يخصه، لا يتعداه إلى غيره، فمدفوع بأن النبوة ليست مجرد الوحي، كما يأتي عن القرافي، "ثم إن النبوة، والرسالة ليستا ذاتا للنبي" أي لازما لماهيته، لا ينفك عنه "ولا وصف ذات" أي، وصفا لازما للذات، لا ينفك عنها حتى كان الماهية مركبة منه ومن غيره من الذاتيات. زاد الآمدي وليستا عرضا من الأعراض المكتسبة له، "بل" كل منهما "تخصيص الله إياه