"وروى البيهقي" وشيخه الحاكم، وقال على شرطهما، وأقره الذهبي عن أبي هريرة "مرفوعا" بمعنى، قال صلى الله عليه وسلم: "إنما أنا رحمة" أي ذو رحمة أو بالغ في الرحمة حتى كأني عينها لأن الرحمة ما يترتب عليه النفع ونحوه وذاته، كذلك فصفاته التابعة لها كذلك "مهداة" بضم الميم وللطبراني بعثت رحمة مهداة، قال ابن دحية معناه أن الله بعثني رحمة للعباد، لا يريد لها عوضا؛ لأن المهدي إذا كانت هديته عن رحمة، لا يريد لها عوضا، وقال غيره: أي ما أنا إلا رحمة أهداها الله للعالمين، فمن قبلها أفلح ونجا، ومن أبي خاب وخسر، ولا يشكل الحصر بوقوع الغضب منه كثيرا لأنه لم يقصد من بعثته، بل المقصود بالذات الرحمة، والغضب بالتبعية، بل في حكم العدم، فالحصر فيها مبالغة، والمعنى أنه رحمة على كل فرد لأن غضبه الله كانتقامه كقوله ولكم في القصاص حياة، أو أنه رحمة في الجملة، فلا ينافي الغضب في الجملة، "فرحم الله به الخلق مؤمنهم" بالهداية، "وكافرهم" بالأمن من الخسف، والمسخ وعذاب الاستئصال، والمنافقين بالأمن من القتل، وتأخير عذابهم، "وهذا الاسم من أخص أسمائه". قال أبو بكر بن طاهر زين الله تعالى محمدا صلى الله عليه وسلم بزينة الرحمة فكان كونه رحمة، وجميع شمائله رحمة وصفاته رحمة على الخلق، وحياته رحمة وموته رحمة، كما قال صلى الله عليه وسلم: "حياتي خير لكم ومماتي خير لكم"، وكما قال صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله رحمة بأمة قبض نبيها قبلها، فجعله لها فرطا وسلفا"، "وقد كان حظ آدم من رحمته سجود الملائكة له تعظيما له إذا كان في صلبه" وقبول توبته إذ توسل به "و" حظ "نوح خروجه من السفينة سالما" إذ كان في صلب ابنه سام، "وإبراهيم كانت النار عليه بردا وسلاما؛ إذ كان في صلبه" كما أفاده العباس بقوله: