قال في الفتح: وكأنه رأى التوقف، وقال ابن القيم: إن أريد بالفضل كثرة الثواب عند الله، فذلك أمر لا يطلع عليه، فإن عمل القلوب أفضل من عمل الجوارح، وإن أريد كثرة العلم، فعائشة لا محالة أو شرف الأصل، ففاطمة لا محالة، وهي فضيلة لا يشاركها فيها غير أخواتها أو شرف السيادة، فقد ثبت النص لفاطمة وحدها، قلت: أمتازت فاطمة عن أخواتها، بأنه متن في حياته صلى الله عليه وسلم، ومات هو في حياتها، وأما ما امتازت به عائشة من فضل العلم، فإن لخديجة ما يقابله، وهي أنها أول من أجاب إلى الإسلام، ودعا إليه، وأعان على ثبوته بالنفس والمال والتوجه التام، فلها مثل أجر من جاء بعدها، ولا يقدر قدر ذلك إلا الله تعالى انتهى. وقال في الإصابة: ومن طواعيتها له قبل البعثة، أنها رأت ميله إلى زيد بن حارثة بعد أن صار في ملكها فوهبته له صلى الله عليه وسلم فكانت هي السبب فيما امتاز به زيد من السبق إلى الإسلام حتى قيل إنه أول من أسلم مطلقا انتهى. وفي الصحيح عن عائشة كان صلى الله عليه وسلم إذ ذبح الشاة يقول: أرسلوا إلى اصدقاء خديجة، قالت عائشة: فأغضبته يوما، فقلت: خديجة، فقال إني رزقت حبها. وروى الشيخان عن عائشة ما غرت على أحد ما غرت على خديجة، وما رأيتها، ولكن كان صلى الله عليه وسلم يكثر ذكرها، وربما ذبح الشاة، فيقطعها أعضاء، ثم يبعثها في صدائق خديجة، فربما قلت له، كأنه لم يكن في الدنيا إلا خديجة، فيقول: إنها كانت، وكانت، وكان لي منها ولد. وروى ابن حبان عن أنس كان صلى الله عليه وسلم إذا أتى بالشيء يقول اذهبوا به إلى بيت فلانة، فإنها كانت صديقة لخديجة، ولنمسك عنان القلم رغبة عن التطويل.