"وزهد عيسى" ابن مريم المشهور، وقد فاق المصطفى كل زاهد حتى منع بعضهم من إطلاق الزهد عليه معللا بأنه لا قيمة للدنيا عنده حتى يزهد فيها، وقد عرض عليه أن تسير معه الجبال ذهبًا وفضة فأبى، وخير بين الملك والعبودية، فاختار العبودية. "واغمسوه في أخلاق النبيين" كلها ليجتمع فيه ما تفرق في غيره، كيف وقد كان خلقه القرآن. "قالت" آمنة: "ثم انجلى عني" ما رأيته من السحابة وما فيها، "فإذا به" صلى الله عليه وسلم "قد قبض على حريرة خضراء مطوية طيًا شديدًا ينبع" مثلث الموحدة؛ كما في القاموس والإرشاد وغيرهما، أي: يخرج "من تلك الحريرة ماء، وإذا بقائل يقول: بخ بخ" الأول منون والثاني مسكن، وبتسكينهما وبتنوينهما وبتشديدهما، وتفرد ساكنة ومكسورة ومنونة مضمومة، كلمة تقال عند الرضا، أي: عظم الأمر وفخم؛ كما في القاموس. "قبض محمد على الدنيا كلها" والإشارة إلى ذلك قبضه على الحريرة بيده، "لم يبق خلق من أهلها إلا دخل طائعًا في قبضته" حقيقة أو حكمًا؛ لظهور ما معهم من البراهين الدالة على أن امتناعهم من الإيمان مجرد عناد وظلم، فلا يرد أن كثر ما آمنوا به، أو باعتبار مبدأ الخلق لولادة الجميع على الفطرة. "قالت: ثم نظرت إليه صلى الله عليه وسلم، فإذا هو كالقمر" كذا في نسخة وهي ظاهرة؛ لأن إذا الفجائية تختص بالجمل الاسمية، ولا تحتاج لجواب، ولا تقع في الابتداء ومعناها الحال لا الاستقبال؛ كما في المغني. وفي نسخة: فإذا به كالقمر فيه خبر مقدم، وكالقمر صفة لمحذوف، أي: نور، والكاف اسم، بمعنى: مثل، فهو من الوصف بمفرد أو الباء مزيدة في المبتدأ على أن زيادتها فيه مقيسة، والأصل: فإذا هو كالقمر، فانقلب الضمير. "ليلة البدر ريحه يسطع"