"عن أمه الشفا" بنت عوف بن عبد الحارث بن زهرة، وهي بنت عم أبيه، قاله ابن الأثير؛ أي: عم أبي ابنها عبد الرحمن أسلمت وهاجرت قال ابن سعد: ماتت في حياة النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الرحمن: يا رسول الله! أعتق عن أمي، قال: "نعم" فأعتق عنها وهي بكسر الشين المعجمة وتخفيف الفاء والقصر؛ كما صرح به البرهان في المقتفى والحافظ في التبصير. وقال ابن الأثير في الجامع: بالتخفيف والمد، وقال الدلجي بفتح المعجمة وشد الفاء ومد، وجرى عليه البوصيري في قوله: وشفتنا بقولها الشفاء. "قالت: لما ولدت آمنة رسول الله صلى الله عليه وسلم وقع على يدي" لا تعارضه الرواية السابقة، ثم وقع على الأرض لجواز أن ذاك بعد هذه بقرينة ثم "فاستهل" أي: صاح، وزعم الدلجي أن المراد عطس لا صاح بشهادة جواب لما، وهو "فسمعت قائلا" أي: ملكًا "يقول: رحمك الله" ونحا نحوه الجوجري، وهو مردود يقول الحافظ السيوطي في فتاويه: لم أقف في شيء من الأحادث على أنه صلى الله عليه وسلم لما ولد عطس بعد مراجعة أحاديث المولد من مظانها، كطبقات ابن سعد والدلائل للبيهقي، ولأبي نعيم، وتاريخ ابن عساكر على بسطه واستيعابه، والمستدرك للحاكم، وإنما الحديث الذي روته الشفاء فيه لفظ يشبه التشميت لكن لم يصرح فيه بالعطاس، والمعروف في اللغة: أن الاستهلال صياح المولود أول ما يولد فإن أريد به هنا العطاس فمحتمل، وحمل القائل على الملك ظاهر، انتهى. فلا دلالة في رحمك الله على أنه عطس كما زعم الدلجي؛ لأنه يشبه التشميت ولا يلزم أنه تشميت بالفعل حتى يخرج به اللفظ عن مدلوله اللغوي لشيء محتمل، فتبين أن قوله رحمك الله ليس تشميتًا بل تعظيمًا بقرينة فاستهل؛ لأنه صياح المولود، كما علم. "قالت الشفاء: وأضاء لي ما بين المشرق والمغرب حتى نظرت إلى" بلاد "بعض