"ولم يقل -صلى الله عليه وسلم- إلى هرقل ملك الروم؛ لأنه معزول" عن الملك "بحكم الإسلام"، ولا سلطنة لأحد إلا من قبله -صلى الله عليه وسلم، "و" لكنه "لم يخله من الإكرام"، ويذكر اسمه مجردا، بل قال: عظيم، أو صاحب "لمصلحة التأليف"، فلاطفه بالقول اللين، كما قال تعالى: {فَقُولَا لَهُ قَوْلًا لَيِّنًا} [طه: ٤٤] ، وقال تعالى: {ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ} [النحل: ١٢٥] ، "وقوله: يؤتك الله أجرك مرتين، أي: لكونه مؤمنا بنبيه" عيسى عليه السلام، "ثم آمن بمحمد -صلى الله عليه وسلم"، وهو موافق لقوله تعالى: {أُولَئِكَ يُؤْتَوْنَ أَجْرَهُمْ مَرَّتَيْنِ} [القصص: ٥٤] ، ويحتمل أن يكون تضعيف الأجر له من جهة إن إسلامه يكون سببا لدخول أتباعه، وصرح بذلك في حديث الشعبي، كما في الفتح، "وقوله: فإن عليك إثم الأريسين" بالهمزة، وفي رواية: اليريسين، بقلبها ياء، جمع يريس، بوزن كريم، وفي أخرى: اليريسيين بشد الياء بعد السين، جمع يريسيّ، وفي أخرى حكاها صاحب المشارق وغيره: الأرّيسين بشد الراء. قال ابن الأعرابي: أرس يارس بالتخفيف فهو أريس, وأرّس بالتشديد يؤرس فهو أريس، وفي أخرى: الأرسين بتحتانية واحدة، وفي الكلام حذف دل عليه المعنى، "أي: فإن عليك مع إثمك إثم الأتباع, بسبب أنهم اتبعوك على استمرار الكفر"، فلأن يكون عليه إثم نفسه أولى, وهذا يعد من مفهوم الموافقة، ولا يعارض هذا قوله تعالى: {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} ؛