قال الحافظ ابن كثير: الظاهر أن هذا الكتاب إنما هو إلى النجاشي الذي ولي بعد المسلم صاحب جعفر، وذلك حين كتب إلى ملوك الأرض يدعوهم إلى الله قبل الفتح. قال الزهري: كانت كتبه -صلى الله عليه وسلم- واحدة، يعني: نسخة واحدة، وكلها فيها هذه الآية، وهي مدنية بلا خلاف. انتهى. ومراد الزهري: كتبه إلى أهل الكتاب، وهم النجاشيان، وهرقل، والمقوقس، وإلّا فكتاب كسرى وغيره ليس فيه الآية، كما يتلى عليك "فكان كافرًا لم يعرف إسلامه ولا اسمه"؛ لأن النجاشي اسم لكل من ملك الحبشة، وأما قوله في الكتاب: الأصحم، فقال ابن كثير: لعله مقحم من الراوي بحسب ما فهمه، "وقد خلط بعضهم ولم يميز بينهما"، فظنهما واحدًا، "وفي صحيح مسلم" ما يرد عليه، ويصرّح بأنهما اثنان؛ فإنه أخرج "عن قتادة" بن دعامة عن أنس "أن نبي الله -صلى الله عليه وسلم- كتب إلى كسرى، وإلى قيصر، وإلى النجاشي، وإلى كل جبار" عنيد، كما هو رواية مسلم، "يدعوهم إلى الله، وليس النجاشي الذي صلى عليه"، فصرَّح أنس بأنه غيره، كما هو الواقع عند مسلم لا قتادة، كما أوهمه المصنف، وقد كتب لكلٍّ منهما، كما بيّنَه البيهقي عن ابن إسحاق. وروى الطبراني عن المسور، قال: خرج -صلى الله عليه وسلم- إلى أصحابه، فقال: "إن الله بعثني للناس كافَّة، فأدوا عني، ولا تخلقوا علي"، فبعث عبد الله بن حذافة إلى كسرى، وسليطًا إلى هوذة واليمامة، والعلاء بن المنذر بهجر، وعمرو بن العاص إلى جيفر وعبَّاد ابني الجلندي بعمّان، ودحية إلى قيصر، وشجاع بن وهب إلى ابن أبي شمر، وعمر بن أمية إلى النجاشي، فرجعوا جميعًا قبل وفاته -صلى الله عليه وسلم- غير عمرو بن العاص. قال في الفتح: وراد أصحاب السير أنه بعث المهاجر إلى الحارث بن عبد كلال، وجرير إلى ذي الكلاع، والسائب إلى مسيلمة، وحاطبًا إلى المقوقس، وبَيِّنَ أنس عند مسلم أن