للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم انصرفوا، فلمَّا قدموا اليمامة ارتدَّ -عدوّ الله- وتنبَّأ وقال: إني أشركت في الأمر معه، ثم جعل يسجع السجعات، فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن:

لقد أنعم الله على الحبلى، أخرج منها نسمة تسعى, من بين صفاق وحشي.

وسجع اللعين على سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] ، فقال: إنا أعطيناك الجواهر، فصل لربك وهاجر، إن مبغضك رجل فاجر. وفي رواية: إنا أعطيناك الجماهر, فخذ لنفسك وبادر، واحذر أن تحرص أو تكاثر، وفي رواية: إنا أعطيناك الكواثر, فصل لربك وبادر, في الليالي الغوادر.


التحتية ومهملة، المراد بها هنا ظهرهم وحوائجهم، وإن كانت في الأصل العقار، "ثم انصرفوا، فلمَّا قدموا اليمامة ارتدَّ عدوَّ الله" ظاهره أنه كان أسلم "وتنبأ" ادَّعى النبوَّة، "وقال: إني أشركت" -بضم الهمزة مبني للمفعول "في الأمر معه"، وبقية هذه الرواية في ابن إسحاق، وقال لوفده الذين كانوا معه: ألم يقل لكم: إنه ليس بشركم مكانًا، ما ذاك إلا لما يعلم أني أشركت في الأمر معه، "ثم جعل يسجع السجعات، فيقول لهم فيما يقول مضاهاة للقرآن" أي: مشاكلة, تقول: ضاهات فلانًا، وضاهيته بالهمزة وتركه, بهما قرئ: "يضاهون قول الذين كفروا" قراءة عاصم بالهمز وكسر الهاء، والباقون بضم الهاء بلا همز: "لقد أنعم الله على الحبلى" عام في كل امرأة وبهيمة تلد، وقيل: مختص بالآدميات، فغيرهم من بهائم وشجر، يقال: حمل بالميم، "أخرج منها نسمة" بفتح السين- روحًا "تسعى" تمشي "من بين صفاق" بكسر المهملة، وخفة الفاء، فألف، فقاف- الجلد الأسفل الذي تحت الجلد الذي عليه الشعر، أو ما بين الجلد والمصران، أو جلد البطن كله، كما في القاموس "وحشى" بالقصر- المعي والجمع أحشاء، مثل عنب وأعناب، "وسجع" كمنع, نطق بكلام له فواصل، فهو ساجع، والسجع الكلام المقفَّى، أو موالاة الكلام على روي, جمعه أسجاع، كما في القاموس في فصل السين من باب العين المهملتين "اللعين على سورة {إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ} [الكوثر: ١] "فقال: إنا أعطيناك الجواهر"، فظنَّ اللعين المخذول أن الجواهر تعادل الكوثر، فجهل اللغة العربية أن الكوثر الخير الكثير، "فصلِّ لربك وهاجر، إن مبغضك رجل فاجر" ليت شعري ما الذي جاء به، فإنه أخذ لفظ القرآن، وحرَّف الكلم عن مواضعه، أبدل شانئك بمبغضك، ولكونه هو الفاجر، أتى الفجور في لسانه، وصرف عن الإتيان بما يفيد الحصر.
"وفي رواية: إنا أعطيناك الجماهر، فخذ لنفسك وبادر، واحذر أن تحرص أو تكاثر" بمثلثة، أو موحدة.
"وفي رواية: إنا أعطيناك الكواثر، فصل لربك وبادر، في الليالي الغوادر،" أي: المظلمة،

<<  <  ج: ص:  >  >>