للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أمرت البئر واغورت لمحبته ... فيها وأعمى بصير العين بالتفل

وأيبس الضرع منه شؤم راحته ... من بعد إرسال رسل منه منهمل

فشبَّه هذا الكلام الذي عارض به مسيلمة بكلام امرأة ورهاء، وهي الحمقاء التي تتكلم لحمقها بما لا يفهم، فهي تهذي بكلام مشذّب -أي مختلط- لا يقترن بعضه ببعض، ولا يشبه بعضه بضعًا؛ ككلام من به خبل -بسكون الموحدة, أي: فساد، أو مسّ من الخبل -بفتحها- أي جنون.

ثم إن اللعين وضع عن قومه الصلاة، وأحلَّ لهم الخمر والزنا، وهو مع ذلك يشهد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه نبي.

وقد كان كتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم: من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أما بعد: فإني قد أشركت معك الأوامر، وإن لنا نصف الأمر، ولقريش نصف الأمر.


شذا ومبتدأ وخبره المتقدم عليه، أي: به لبس، أي: إنه وإن أشبه منطق الورهاء إلّا أنه شاذ بالنسبة إليه "أمرت البئر واغورت" أي: غار ماؤها "لمحبته فيها، وأعمى بصير العين بالتفل" بتحريك الفاء الساكنة للوزن، فتفل من بابي ضرب ونصر, "وأيبس الضرع منه شؤم" ضد اليُمن "راحته" كفه "من بعد إرسال رسل" لبن "منه منهمل" مُنْصَبّ جارٍ، "فشبَّه هذا الكلام الذي عارض به مسيلمة" القرآن "بكلام امرأة ورهاء، وهي الحمقاء التي تتكلم لحمقها بما لا يفهم، فهي تهذي بكلام مشذب، أي: مختلط لا يقترن بعضه ببعض، ولا يشبه بعضه بعضًا، ككلام من به خبل -بسكون الموحدة، أي: فسادًا، ومس من الخبل- بفتحها، أي: جنون" وهذا على الرواية المشهورة: إن شذَب فعل ماض اتصل به ضمير المفعول، كما مَرَّ وروي شذبه، واعتمده مخمس القصيدة إذ قال:
مسيلم هو هذا هل سمعت به ... سحقًا له من لعين في تكذبه
وما إليه دعا من سوء مذهبه ... كأنه منطق الورهاء شذبه
"ثم إن اللعين وضع عن قومه الصلاة، وأحلَّ لهم الخمر والزنا" ترغيبًا لهم في اتباعه، فأباح لهم ما يشتهون، "وهو مع ذلك يشهد لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه نبي" مشارك له في النبوة، فهذا من جملة سخافة عقله؛ إذ النبي لا يبيح المحرمات، "وقد كان كتب لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-،" لما ادَّعى النبوة سنة عشر، "من مسيلمة رسول الله إلى محمد رسول الله، أمَّا بعد فإني أشركت" بضم الهمزة. "معك في الأوامر،" يعني: النبوة، "وأن لنا نصف الأمر، ولقريش نصف الأمر"

<<  <  ج: ص:  >  >>