للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

توطئة لنبوته، وتقدمة لظهوره وبعثته، وإلا فأصحاب الفيل -كما قاله ابن القيم- كانوا نصارى أهل كتاب، وكان دينهم خيرًا من دين أهل مكة إذ ذاك، لأنهم كانوا عباد، أوثان، فنصرهم الله تعالى على أهل الكتاب نصرًا لا صنع للبشر فيه، إرهاصًا وتقدمة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج من مكة، وتعظيمًا للبلد الحرام.

واختلف أيضا في الشهر الذي ولد فيه.

والمشهور: أنه ولد في شهر ربيع الأول، وهو قول جمهور العلماء، ونقل ابن الجوزي الاتفاق عليه.

وفيه نظر؛ فقد قيل في صفر، وقيل في ربيع الآخر.

وقيل: في رجب، ولا يصح.

وقيل: في شهر رمضان................................


توطئة" تمهيدًا "لنبوته وتقدمه لظهوره" لوجوده "وبعثته" وقد وجد قبل وجوده خوارق كثيرة؛ ككثرة الهواتف، وأخبار الأحبار والكهان، فلا يرد ما قيل الإرهاص إنما يكون بما يوجد بعد مولده وقيل البعثة، إما لأن التعبير بالإرهاص مجاز، وإما لمنع تخصيص الإرهاص بما بعد الوجود، بل هو شامل لكل ما تقدمه البعث من خوارق قبل وجوده أم بعده. "وإلا" يكن توطئة له بل لشرف أهل مكة كان القياس العكس، "فأصحاب الفيل" أي: القوم الذين جاءوا به.
"كما قال ابن القيم: كانوا نصارى أهل كتاب" وهو الإنجيل "وكان دينهم خيرًا من دين أهل مكة إذ ذاك" ألم تر أنه صلى الله عليه وسلم كان يحب موافقة أهل الكتاب فيما لم يؤمر فيه بشيء؛ كما في الصحيح "لأنهم كانوا عباد أوثان" أصنام لا كتاب لهم، "فنصرهم الله تعالى على أهل الكتاب" مع كونهم خيرًا منهم "نصرًا لا صنع للبشر فيه إرهاصًا وتقدمة للنبي صلى الله عليه وسلم الذي خرج" وجد "من مكة، وتعظيمًا للبلد الحرام" لا لما كان عليه أهله "واختلف أيضًا في الشهر الذي ولد فيه" أهو ربيع أم غيره؟ "والمشهور: أنه ولد في ربيع الأول، وهو قول جمهور العلماء" بضم الجيم معظمهم وجلهم، ونقل التلمساني فتح الجيم أيضًا وأتى به بعد المشهور؛ لأن مجرد الشهرة لا تستلزم كثرة القائل لجواز أن يشتهر عن واحد مع مخالفة غيره له أو سكوته عنه.
ونقل" العلامة الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن "ابن الجوزي الاتفاق عليه" فقال في الصفوة: اتفقوا على أنه صلى الله عليه وسلم ولد بمكة يوم الاثنين في شهر ربيع الأول عام الفيل، "وفيه" أي: نقل الاتفاق "نظر، فقد قيل: في صفر، وقيل: في ربيع الآخر" حكاهما مغلطاي وغيره، "وقيل: في رجب، ولا يصح" هذا القول، "وقيل: في شهر رمضان" حكاه اليعمري ومغلطاي.

<<  <  ج: ص:  >  >>