وفي الحديث: "حبك الشيء يعمي ويصم"، "فقال -عليه الصلاة والسلام: "اللهم اغفر له وارحمه، واجعل غناه في قلبه" وهذا عبد أراد الله به الخير، فوافقه لسؤال ذلك من المصطفى, فقد قال -صلى الله عليه وسلم: "إذا أراد الله بعبد خيرًا جعل غناه في نفسه، وتقواه في قلبه، وإذا أراد الله بعبد شرًّا، جعل فقره بين عينيه". رواه الديلمي وغيره، "ثم أمر له بما"، أي: بمثل الذي "أمر" به "لرجل من أصحابه، ثم انطلقوا راجعين إلى أهليهم، ثم وافوا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- بِمِنَى سنة عشر" فقالوا: نحن بنو أبذى، "فقال" -صلى الله عليه وسلم: "ما فعل الغلام" الذي أتاني منكم؟ "قالوا: يا رسول الله" والله "ما رأينا مثله قط، ولا حدَّثنا بأقنع منه بما رزقه الله, لو أن الناس اقتسموا الدنيا ما نظر نحوها، ولا التفت إليها" فاستجاب الله دعاء نبيه، وبقية القصة: فقال -صلى الله عليه وسلم: "الحمد لله، إني لأرجو أن يموت جميعًا"، فقال رجل منهم: أَوَلَيْس يموت الرجال جميعًا؟ قال -صلى الله عليه وسلم: "تتشعب أهواؤه وهمومه في أودية الدنيا، فلعلَّ أجله أن يدركه في بعض لك الأودية، فلا يبالي الله -عز وجل- في أيها هلك"، قالوا: فعاش ذلك الرجل فينا على أفضل حال، وأزهده في الدنيا، وأقنعه بما رزق، فلمَّا توفي رسول الله -صلى الله عليه وسلم، ورجع من رجع من أهل اليمن عن الإسلام، قام في قومه، فذكَّرهم الله والإسلام، فلم يرجع منهم أحد، وجعل الصديق يذكّره، ويسأل عنه، حتى بلغه حاله، وما قام به، فكتب إلى زياد بن الوليد يوصيه به خيرًا، ذكره اليعمري أ. هـ.