للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فلو ولد في شهر من الشهور المذكورة، لتوهم أنه تشرف به، فجعل الله تعالى مولده عليه السلام في غيرها ليظهر عنايته به وكرامته عليه.

وإذا كان يوم الجمعة الذي خلق فيه آدم عليه السلام خص بساعة لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا إلا أعطاه إياه، فما بالك بالساعة التي ولد فيها سيد المرسلين. ولم يجعل الله تعالى في يوم الاثنين -المخلوق فيه آدم- من الجمعة والخطبة وغير ذلك، إكرامًا لنبيه عليه الصلاة والسلام بالتخفيف عن أمته......................


صارت أفضل من مكة عند كثيرين وصار فيها بقعة روضة من رياض الجنة، وأخرى خير البقاع بإجماع، "فلو ولد في شهر من الشهور المذكورة لتوهم أنه تشرف به، فجعل الله تعالى مولده عليه السلام في غيرها ليظهر عنايته به وكرامته عليه" وهذا وجه كونه لم يولد في تلك الأشهر وحكمة كونه في شهر ربيع ما في شرعه من شبه زمن الربيع، فإنه أعدل الفصول وشرعه أعدل الشرائع، ولأن في ظهوره فيه إشارة لمن تفطن لها بالنسبة إلى اشتقاق لفظة ربيع؛ لأن فيه تفاؤلا حسنًا ببشارة أمته، فالربيع تنشق الأرض عما في بطنها من نعم الله، ومولده في ربيع إشارة ظاهرة إلى التنويه بعظيم قدره، وأنه رحمة للعالمين، وقد قال أبو عبد الرحمن الصقلي: لكل إنسان من اسمه نصيب، هذا حاصل ما ذكر ابن الحاج.
"وإذا كان يوم الجمعة الذي خلق فيه آدم عليه السلام، خض بساعة" في تعيينها أقوال كثيرة، "لا يصادفها عبد مسلم يسأل الله فيها خيرًا، إلا أعطاه إياه" وأخرج بالخير غيره، وفي رواية أحمد: "ما لم يسأل إثمًا أو قطيعة رحم"، "فما بالك بالساعة التي ولد فيها سيد المرسلين" وهي في يوم الاثنين، وأقرب ما قيل: إنها في أوله فينبغي الاجتهاد فيها رجاء مصادفتها لكن المصنف في عهدة أن فيه ساعة كساعة يوم الجمعة؛ لأنه إن أراد أن ذلك اليوم ومثله إلى يوم القيامة كساعة يوم الجمعة أو أفضل، فدليله هذا لا ينتج ذلك، وإن أراد عين تلك الساعة فساعة الجمعة لم تكن موجودة حينئذ، وإنما جاء تفضيلها في الأحاديث الصحيحة بعد ذلك بمدة، فلم يمكن اجتماعهما حتى يفاضل بينهما وتلك انقضت وهذه باقية إلى اليوم، وقد نص الشارع عليها ولم يتعرض لساعة مولده ولا لأمثالها، فوجب علينا الاقتصار على ما جاءنا عنه ولا نبتدع شيئًا من عند نفوسنا القاصرة عن إدراكه، إلا بتوقيف.
"ولم يجعل الله تعالى في يوم الاثنين يوم مولده" بالجر بدل "عليه السلام من التكليف بالعبادات ما جعل في يوم الجمعة المخلوق فيه آدم من" صلاة "الجمعة والخطبة وغير ذلك" من نحو الغسل وحلق العانة، "إكرامًا لنبيه عليه الصلاة والسلام بالتخفيف عن أمته

<<  <  ج: ص:  >  >>