للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعًا غيري، فلما لم أجد غيره، قلت لزوجي: والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم فلآخذنه، فذهبت فإذا به مدرج في ثوب صوف..................


لها حزن ورقة، فيبقى في حيز من يرحم لا من يعظم؛ كقوله: لم تأخذه المراضع لعدم ماله، إلا حليمة رغبت في رضاعه شفقة عليه، وأنه كان يرعى غنمًا وينشد:
لأغنامه سار الحبيب إلى المرعى ... فيا حبذا راع فؤادي له مرعى
وفيه:
فما أحسن الأغنام وهو يسوقها
وكثير من هذا المعنى المخل بالتعظيم، فأجاب بما نصه: ينبغي لمن يكون فطنًا أن يحذف من الخبر ما يوهم في المخبر عنه نقصًا ولا يضره ذلك، بل هذا جوابه بحروفه، نقله عنه السيوطي. "فوالله ما بقي من صواحبي امرأة إلا أخذت رضيعًا غيري" فلم آخذ لأني لم أعط لما أنا عليه من الضيق.
"فلما لم أجد غيره" يعطى لي "قلت لزوجي" الحارث بن عبد العزى بن رفاعة السعدي يكنى أبا ذؤيب، أدرك الإسلام وأسلم، رواه يونس بن بكير، قال: حدثنا ابن إسحاق، حدثني والدي عن رجال من بني سعد بن بكر، قالوا قدم الحارث أبو رسول الله من الرضاعة عليه الصلاة والسلام بمكة حين أنزل عليه القرآن فقالت له قريش: ألا تسمع يا حارث ما يقول ابنك؟ قال: وما يقول؟ قالوا: يزعم أن الله يبعث من في القبور، وأن لله دارين يعذب فيهما من عصاه ويكرم فيهما من أطاعه، فقد شتت أمرنا وفرق جماعتنا، فأتاه فقال: أي بني! ما لك ولقومك يشكونك ويزعمون أنك تقول إن الناس يبعثون بعد الموت، ثم يصيرون إلى جنة ونار، فقال صلى الله عليه وسلم: "أنا أزعم ذلك، ولو قد كان ذلك اليوم يا أبت لقد أخذت بيدك حتى أعرفك حديثك اليوم". فأسلم الحارث بعد ذلك فحسن إسلامه، وكان يقول حين أسلم: لو أخذ ابني بيدي فعرفني ما قال لم يرسلني إن شاء الله حتى يدخلني الجنة. قال ابن إسحاق: وبلغني أنه إنما أسلم بعد وفاة النبي صلى الله عليه وسلم، هكذا في رواية يونس. قال السهيلي: ولم يذكر ذلك البكائي في روايته عن ابن إسحاق ولا ذكره كثير ممن ألف في الصحابة، وقد ذكره فيهم صاحب الإصابة، وذكر هذا الخبر وعقبه بخبر ابن سعد المتقدم في ابنه، وقال: يحتمل أن يكون ذلك وقع للأب والابن.
"والله إني لأكره أن أرجع من بين صواحبي ليس معي رضيع، لأنطلقن إلى ذلك اليتيم" الذي عرض جده علي وسألني أخذه، وقلت له: ألا تذرني أراجع صاحبي، فأذن لها وانتظرها حتى راجعته وعادت، "فلآخذنه" زاد ابن إسحاق، قال: لا عليك أن تفعلي، عسى الله أن يجعل لنا فيه بركة، قالت: "فذهبت" إليه "فإذا به مدرج في ثوب صوف" بالإضافة والتنوين

<<  <  ج: ص:  >  >>