للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إلى الأتان وقد سجدت نحو الكعبة ثلاث سجدات ورفعت رأسها إلى السماء مشت حتى سبقت دواب الناس الذين كانوا معي، وصار الناس يتعجبون مني ويقلن النساء لي وهن ورائي: يا بنت أبي ذؤيب أهذه أتانك التي كنت عليها وأنت جائية معنا تخفضك طورًا وترفعك أخرى؟ فأقول: تالله إنها هي فيتعجبن منها ويقلن إن لها لشأنًا عظيمًا، قالت: فكنت أسمع أتاني تنطق وتقول: والله إن لي لشأنًا ثم شأنًا بعثني الله بعد موتي ورد لي سمني بعد هزالي، ويحكن..................


إلى الأتان وقد سجدت" خفضت رأسها أو وضعت وجهها على الأرض وهو الظاهر، فلا مانع "نحو" أي: جهة "الكعبة ثلاث سجدات، ورفعت رأسها إلى السماء" ألهمها الله فعل ذلك شكرًا له أن خصها بكونه صلى الله عليه وسلم على ظهرها، "ثم مشت حتى سبقت دواب الناس الذين كانوا معي، وصار الناس يتعجبون مني" وفي رواية ابن إسحاق: فوالله لقد قطعت بالركب حتى ما يقدر علي شيء من حمرهم، "ويقلن النساء لي" هذا نحو: أسروا النجوى يتعاقبون فيكم ملائكة، وسموها لغة أكلوني البراغيث، وجوزوا في نحوه أن النون فاعل، والاسم الظاهر بدل منه حتى لا يكون من تلك اللغة. "وهن ورائي: يا بنت أبي ذؤيب" بذال معجمة كنية أبيها، واسمه عبد الله بن الحارث بن شجنة بكسر الشين المعجمة فجيم ساكنة فنون مفتوحة ثم تاء التأنيث، هكذا في النور. ووقع في الشامية بسين مهملة ابن جابر بن رزام بكسر الراء ثم زاي فألف فميم ابن ناصر بن سعد بن بكر بن هوازن هكذا في الاستيعاب، وقيل في نسبها غير ذلك.
"أهذه أتانك التي كنت عليها وأنت جائية معنا، تخفضك طورًا" بفتح الطاء مرة "وترفعك" مرة "أخرى" فأنت على معنى الطور لضعفها وعجفها، "فأقول: تالله إنها هي، فيتعجبن منها، ويقلن: إن لها لشأنًا عظيمًا، قالت" حليمة "فكت أسمع أتاني تنطق، وتقول: والله إن لي لشأنًا ثم لشأنًا" وكأنه قيل: ماذا الشأن؟ فقالت: "بعثني الله بعد موتي" أعطاني قوة قدر بها على سرعة السير بعدما كنت كالميتة من الضعف، "ورد لي سمني بعد هزالي" بضم الهاء ضد السمن، وفي نسخة: بعد هزلي، بفتح الهاء وتضم وسكون الزاي بلا ألف بمعنى الأول أيضًا. ففي القاموس: الهزال بالضم نقيض السمن هزل، كعنى وهزل كنصر هزلا وبضم، انتهى. وأما نقيض الجد فبابه ضرب وفرح؛ كما فيه أيضًا، وليس مرادًا هنا، كما هو معلوم. والجملتان تفسير للشأن على الاستئناف البياني، كما قررنا.
"ويحكن" بالنصب بإضمار فعل كلمة ترحم، وويل كلمة عذاب. وقال اليزيدي: هما بمعنى واحد، تقول: ويح لزيد وويل له، فترفعهما على الابتداء ولك نصبهما كأنك قلت: ألزمه.

<<  <  ج: ص:  >  >>