"وإن كان صحيح المعنى, لكن لم يعهد ذلك من سيرته ومكارم أخلاقه -صلى الله عليه وسلم" أي: إنه عاملهم بما يتخيل أنّ فيه أذى؛ وإن جاز له ورضوا به، "قال الحافظ ابن حجر" في الفتح أيضًا: إذ الذي قبله من أوّل قوله والسباطة فيه أيضًا، ثم قال بعد قليل جواب سؤال، تقديره: لم خالف عادته من الإبعاد، وبال على السباطة القريبة من الناس، "وأما مخالفته -صلى الله عليه وسلم- لما عرف من عادته من الإبعاد عند قضاء الحاجة، عن الطرق المسلوكة وعن أعين النظار"؛ بحيث لا يراه أحد، لما روى أبو داود وابن ماجه؛ والحاكم في علومه, عن بلال بن الحارث وغيره، كان -صلى الله عليه وسلم- إذا انطلق لحاجته تباعد حتى لا يراه أحد. وروى ابن جرير وغيره بإسناد جيد عن ابن عمر قال: كان -صلى الله عليه وسلم- يذهب لحاجته إلى المغمس. قال نافع: وهو نحو ميلين من مكة، وفي القاموس: المغمس كمعظم ومحدث، وهو مبالغة في الإبعاد واستعمال الأدب، فلا ينافي في أنَّ المستحب يحصل بما دون ميلين، "فقد قيل فيه" أي: وجه مخالفته لعادته، "إنه -صلى الله عليه وسلم- كان مشغولًا بمصالح المسلمين، ولعلّه" في الفتح فلعله -بالفاء, "طال عليه المجلس حتى احتاج إلى البول، فلوّ أبعد لتضرَّر" بحبس البول إلى وصوله للمكان البعيد، "واستدنى حذيفة" أي: طلب قربه منه، "ليستره من خلفه عن رؤية من لعله يراه" أي: يرى شخصه -صلى الله عليه وسلم- مع وجود مانع رؤية عورته، ولفظ الفتح: من لعله يمر به، وكان قدّامه مستورًا بالحائط، "أو لعله فعله"، أي: الستر "لبيان