للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أي: لا تعط شيئًا لتطلب أكثر منه، بل أعط لربك واقصد به وجهه، فأدبه بأشرف الآداب، قاله أكثر المفسرين، وقال الضحاك ومجاهد: هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة، وليس على أحد من أمته، وقال قتادة: لا تعط شيئًا لمجازاة الدنيا، أي أعط لربك، وعن الحسن: لا تمنن على الله بعملك فتستكثره، وقيل: لا تمنن على الناس بالنبوة فتأخذ عليها أجرًا وعوضًا من الدنيا.

ومنها: مد العين إلى ما متع به الناس، قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلَى مَا مَتَّعْنَا بِهِ} ، أي: استحسانًا له وتمنيًا أن يكون لك مثله {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ} [الحجر: ٨٨] .


"أي: لا تعط شيئًا لتطلب أكثر منه" لأنه طمع لا يليق به، "بل أعط لربك واقصد به وجهه، فأدبه بأشرف الآداب" وأجل الأخلاق؛ فإن من أعطي ليثاب أكثر لم يكن له أجر لقصده الاستكثار، "قاله أكثر المفسرين" ومنهم ابن عباس، قال ابن عطية: فكأنه من قولهم من إذا أعطى.
"وقال الضحاك ومجاهد: هذا كان للنبي صلى الله عليه وسلم خاصة" لما ثبت عندهما بذلك، وإلا فالآية بمجردها لا تفيد الخصوصية، "وليس" يحرم "على أحد من أمته" ذلك، بل هو مباح لهم، لكن لا أجر لهم فيه، قال مكي: وهذا معنى قوله تعالى: {وَمَا آتَيْتُمْ مِنْ رِبًا لِيَرْبُوَ فِي أَمْوَالِ النَّاسِ فَلَا يَرْبُو عِنْدَ اللَّهِ} الآية، "وقال قتادة: لا تعط شيئًا لمجازاة الدنيا، أي: أعط لربك" هو مثل قول الأكثر، والذي في ابن عطية عن قتادة: أن المعنى لا تدل بعلمك، ففي هذا التأويل تحريض على الجد وتخويف.
"وعن الحسن" البصري: "لا تمنن على الله بعملك فتستكثره" وتعجب به، "وقيل" أي: قال ابن زيد: "لا تمنن على الناس بالنبوة فتأخذ عليها أجرًا وعوضًا من الدنيا.
وحكى النقاش عن ابن عباس أنه قال: لا تمنن تستكثر، دعوت فلم أجب، قال ابن عطية: فهذه الأقوال كلها من المن الذي هو تعديد اليد، وذكرها.
وقال مجاهد: معناه لا تضعف فتستكثر ما حملناك من أعباء الرسالة، فهذا من قولهم حبل متين، أي ضعيف، انتهى.
"ومنها: مد الأعين إلى ما متع" بضم الميم، وكسر الفوقية مشددة "به الناس" من زهرة الحياة الدنيا، "قال الله تعالى: {وَلَا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ} لا تنظر بهما "إلى ما متعنا به" الآية، أي: استحسانًا له وتمنيًا أن يكون لك مثله {أَزْوَاجًا مِنْهُمْ زَهْرَةَ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [الحجر: ٨٨] ،

<<  <  ج: ص:  >  >>