"وعنده": أي: مسلم "أيضًا" في كتاب الإيمان من حديث ثابت عن أنس، قال: قال صلى الله عليه وسلم: "آتي باب الجنة" أي أجيء بعد الانصراف من الحشر والحساب إلى أعظم المنافذ التي توصل إلى دار الثواب، وهو باب الرحمة، أو باب التوبة، كما في النوادر، وعبر بآتي دون أجيء للإشارة إلى أن مجيئه يكون بصفة من لبس خلعة الرضوان، فجاء على تمهل وأمان من غير نصف في الإتيان؛ إذ الإتيان، كما قال الراغب مجيء بسهولة، والمجيء أعم، ففي إيثاره عليه مزية "يوم القيامة فأستفتح" بسين الطلب، عبر بها إيماء إلى القطع بوقوع مدخولها وتحققه، أي: أطلب فتحه بالقرع؛ كما في الأحاديث، لا بالصوت. وفي رواية أحمد: "آخذ بحلقة الباب"، والفاء للتعقيب إشارة إلى أنه قد أذن له من ربه غير واسطة خازن ولا غيره، وذلك أن من ورد باب كبير، وقف عادة حتى يستأذن له، فالتعقيب إشارة إلى أن ربه صانه عن ذل الوقوف، وأذن له في الدخول ابتداء، بحيث صار الخازن مأموره، منتظرًا قدومه، "فيقول الخازن": أي: الحافظ: وهو المؤتمن على ما استحفظه، وأل عهدية والمعهود رضوان، وخص مع كثرة الخزنة؛ لأنه أعظمهم، ومقدمهم، وعظيم الرسل إنما يتلقاه عظيم الخزينة، "بك أمرت" كذا في جميع ما رأيناه من نسخ المصنف، وفيه سقط منه أو من نساخه، فلفظ رواية مسلم: "فيقول الخازن: من أنت؟ فأقول: محمد، فيقول: بك أمرت". وقد ساقه المصنف في المقصد الأخير تامًا، وإنما أجابه بالاستفهام، وأكده بالخطاب تلذذًًا بمناجاته، وإلا، فأبواب الجنة شفافة؛ كما في خبر، وهو العلم الذي لا يشتبه، والتمييز الذي لا يلتبس، وقد رآه رضوان الجنة قبل ذلك، وعرفه أتم معرفة، ولذا اكتفى بقوله: "فأقول محمد"، وإن كان المسمى به كثيرًا، ولا ينافي كون أبوبا الجنة شفافة. خبر أبي يعلى عن أنس، رفعه: "أقرع باب الجنة فيفتح لي باب من ذهب وحلقه من فضة" لأن ما في الدنيا لا يشبه ما في الجنة إلا في مجرد الاسم، كما في حديث: فلا مانع من كونه ذهبًا شفافًا، ولم يقل أن لإبهامه، مع إشعاره بتعظيم النفس، وهو سيد المتواضعين، وهذه الكلمة جارية على ألسنة المتجبرين إذا ذكروا مفاخرهم وزهوا بأنفسهم. وقال ابن الجوزي: أنا لا تخلو عن نوع تكبر؛ كأنه يقول: أنا لا أحتاج إلى ذكر اسمي ولا نسبي، لسمو مقامي.