للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: الصفرة في الوجه من أثر السجود، فتحسبهم مرضى وما هم بمرضى.

والقول الثاني: أنه في الآخرة يعني أن مواضع السجود من وجوههم تكون أشد بياضًا يوم القيامة، يعرفون بتلك العلامة أنهم سجدوا في الدنيا، رواه العوفي عن ابن عباس, وعن شهر بن حوشب: تكون مواضع السجود من وجوههم كالقمر ليلة البدر.


قال: يريد السمة التي تحدث في جباههم من كثرة السجود، "وقيل" هي "الصفرة في الوجه من أثر السجود، فتحسبهم مرضى وما هم بمرضى" وذلك محمود بخلاف ما إذا لم يكن للغير سجود ولا علة.
روى أبو نعيم في الطب، عن أنس، رفعه: "إذا رأيتم الرجل أصفر الوجه من غير مرض ولا عبادة فذاك من غش الإسلام في قلبه" وروى الديلمي عن ابن عباس مرفوعًا: "احذروا صفر الوجوه؛ فإنه لم يكن من علة أو سهر، فإنه من غل في قلوبهم للمسلمين".
"والقول الثاني: أنه في الآخرة، يعني: أن مواضع السجود من وجوههم تكون أشد بياضًا يوم القيامة" من بقية أجسادهم، "يعرفون بتلك العلامة؛ أنهم سجدوا في الدنيا، رواه العوفي" بفتح المهملة، وسكون الواو، وبالفاء عطية بن سعد بن جنادة، بضم الجيم، بعدها نون خفيفة، أبو الحسن الكوفي، صدوق، يخطئ كثيرًا، وكان شيعيًا مدلسًا، مات سنة إحدى عشرة ومائة، روى له أبو داود، والترمذي، والنسائي، وهو المراد عند الإطلاق؛ كما في الأنساب من التقريب، فليس المراد به يحيى بن يعمر، قاضي مرو، كما توهم من قول اللباب، يروي عن ابن عباس وابن عمر، "عن ابن عباس، وروى "عن شهر بن حوشب" الأشعري، الشامي، مولى أسماء بنت يزيد بن السكن، تابعي، صدوق: كثير الإرسال والأوهان، مات سنة اثنتي عشرة ومائة، روى له مسلم وأصحاب السنن: "تكون" يوم القيامة "مواضع السجود من وجوههم، كالقمر ليلة البدر" وأيد ذ القول بقوله صلى الله عليه وسلم: "أمتي يوم القيامة غر من السجود، محجلون من الوضوء"، رواه الترمذي عن عبد الله بن بسر، بضم الموحدة، وسكون المهملة، أي: من أثر سجودهم في الصلاة، أثر وضوئهم في الدنيا، وقد سجدت الأمم قبلهم، فلم يظهر على جباههم ذلك النور، وتطهروا فلم يظهر على أطرافهم من ذلك شيء، فهو علامة هذه الأمة في الموقف، بها يعرفون، ذكره الحكيم الترمذي.
ولا تنافي بين هذا الحديث وبين حديث الصحيحين: "أن أمتي يدعون يوم القيامة غرًا محجلين من آثار الوضوء" لأن وجه المؤمن يكسى في القيامة نورًا من أثر السجود، ونورًا من أثر الوضوء، نور على نور، فمن كان أكثر نورًا، وأكثر وضوءا في الدنيا، كان وجهه أعظم ضياء

<<  <  ج: ص:  >  >>