في حديث أبي موسى السابق صدره، وكان المناسب لو أتى بالحديث دون تقطيع، ثم عقبه بالتكلم على بحيرا وعلى إشكاله الآتي. "أن في هذه السفرة أقبل سبعة من الروم يقصدون قتله عليه السلام" ولفظه عقب قوله السابق: فأقبل وعليه غمامة تظله، فلما دنا من القوم وجدهم قد سبقوه إلى فيء الشجرة، فلما جلس مال فيء الشجرة عليه، فقال: انظروا إلى فيء الشجرة مال عليه، قال: فبينا هو قائم عليهم وهو ينشادهم أن لا يذهبوا به إلى الروم، فإن الروم إن عرفوه بالصفة فيقتلونه، فالتفت فإذا سبعة قد أقبلوا من الروم، "فاستقبلهم بحيرا، فقال: ما جاء بكم؟ فقالوا: إن هذا النبي" الذي بشر به في كتبنا، فاللام للعهد "خارج في هذا الشهر" أي: إلى السفر لا إلى النبوة؛ لأنه حينئذ كان صغيرًا "فلم يبق طريق إلا بعث" بالبناء للمفعول، أي: بعث ملكهم، "إليها بأناس" وأسقط من الحديث ما لفظه: وأنا مذ أخبرنا خبره بعثنا إلى طريقك هذا، فقال: هل خلفكم أحد هو خير منكم؟ قالوا: إنما أخبرنا خبره بطريقك هذا، "فقال: أفرأيتم أمرًا أراد الله أن يقضيه هل يستطيع أحد من الناس رده؟ قالوا: لا، قال: فبايعوه" بفتح الياء خبر لا أمر، قال ابن سيد الناس: إن كان المراد فبايعوا بحيرا على مسالمة النبي صلى الله عليه وسلم فقريب، وإن كان غير ذلك فلا أدري ما هو. قال المحب بن الهائم: الأول هو الظاهر، لتوافق الضمير فيه، وفي "وأقاموا معه" ومعناه: بايعوه على أن لا يأخذوا النبي صلى الله عليه وسلم ولا يؤذوه على حسب ما أرسلوا فيه، وأقاموا مع بحيرا خوفًا على أنفسهم إذا رجعوا بدونه، قال: وهذا وجه حسن جدًا، انتهى. وخفي هذا على الحافظ الدمياطي، فقرأه بكسر الياء أمرًا وحكم بأنه وهم. "ورده" أي: النبي صلى الله عليه وسلم "أبو طالب" بأمر بحيرا، ففي حديث الترمذي والجماعة بعده: