للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

حتى بلغ سوق بصرى، وقيل سوق حباشة بتهامة، وله إذ ذاك خمس وعشرون سنة، لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة، فنزل تحت ظل شجرة، فقال نسطورا الراهب: ما نزل تحت هذه الشجرة إلا نبي، وفي رواية بعد عيسى................


عندهم بشيء، فسار صلى الله عليه وسلم "حتى بلغ سوق بصرى" رواه الواقدي وابن السكن وغيرهما، "وقيل: سوق حباشة" بحاء مهملة مضمومة فموحدة فألف فشين معجمة فتاء تأنيث، قال في الروض: سوق من أسواق العرب، انتهى.
وهذا القول رواه الدولابي عن الزهري، ولفظه: استأجرته خديجة إلى سوق حباشة، وهو سوق "بتهامة" بكسر التاء اسم لكل ما نزل عن نجد إلى بلاد الحجاز ومكة من تهامة، قال ابن فارس في مجمله، سميت تهامة من التهم بفتح التاء والهاء وهو شدة الحر وركود الريح. وفي المطالع: سميت بذلك لتغير هوائها، يقال: تهم الدهن إذا تغير، وذكر الحازمي في مؤتلفه أنه يقال في أرض تهامة تهائم، انتهى.
وقيد بذلك؛ لأن حباشة مشترك، ففي القاموس: حباشة كثمامة سوق تهامة القديمة، وسوق آخر كان لبني قينقاع. "وله" صلى الله عليه وسلم "خمس وعشرون سنة" فيما رواه الواقدي وابن السكن وصدر به ابن عبد البر وقطع به عبد الغني، قال في الغرر: وهو الصحيح الذي عليه الجمهور، وقيل غير ذلك؛ كما يأتي. "لأربع عشرة ليلة بقيت من ذي الحجة، فنزل تحت ظل شجرة" في سوق بصرى قريبًا من صومعة نسطورا الراهب، فاطلع إلى ميسرة وكان يعرفه، "فقال نسطورا الراهب" بفتح النون وسكون السين وضم الطاء المهملتين، قال في النور: وألفه مقصورة كذا نحفظه، ولم أر أحدًا ضبطه ولا تعرض لعدة في الصحابة، وينبغي أن الكلام فيه كالكلام في بحيرا, وعند الواقدي وابن إسحاق، فقال: يا ميسرة من هذا الذي تحت هذه الشجرة؟ فقال: رجل من قريش من أهل الحرم، فقال له لراهب: "ما نزل تحت هذه الشجرة" زاد ابن إسحاق: قط، "إلا نبي".
"وفي رواية: بعد عيسى" قال السهيلي: يريد ما نزل تحتها هذه الساعة، ولم يرد: ما نزل تحتها قط إلا نبي لبعد العهد بالأنبياء قبل ذلك، وإن كان في لفظه: قط، فقد تكلم بها على جهة التوكيد للنفي، والشجر لا يعمر في العادة هذا العمر الطويل حتى يدري أنه لم ينزل تحتها إلا عيسى أو غيره من الأنبياء، ويبعد في العادة أيضًا أن تخلو شجرة من نزول أحد تحتها نبي إلا أن تصح رواية من قال في هذا الحديث: أحد بعد عيسى ابن مريم، وهي رواية عن غير ابن إسحاق، فالشجرة على هذه مخصوصة بهذه الآية، انتهى, وأقره مغلطاي والبرهان وتعقبه العز بن جماعة؛ بأنه مجرد استبعاد لا دلالة فيه على امتناع ولا استحالة؛ وبأنه استبعاد يعارضه ظاهر

<<  <  ج: ص:  >  >>