"اعلم" أمر يصدر به ما يعتني به من الكلام، "أطلعني الله وإياك على أسرار التنزيل" بمعنى المنزل، وهو القرآن، والكتب المنزلة، فيشمل جميعها، "ومنحنا" وهبنا "بلطفه تبصرة" أي: تنويرًا في قلوبنا، وهي رؤية الأشياء بعين البصيرة، بحيث لا يقتصر منها على رؤية ظاهرها، بل تعير إلى ما يؤول إليه باطنها، كذا في لطائف الأعلام "تهدينا إلى سواء السبيل" الطريق، ومعمول اعلم؛ "أنه لا سبيل لنا أن نستوعب الآيات الدالة على ذلك، وما فيها من التصريح والإشارة" أي: من حيث دلالتها على ذلك، فلا ينافي أن الآيات الدالة محصورة معدودة في أنفسها، بل حروف القرآن كلها محصورة مضبوطة، واحتمال أن المراد بالآيات معناها اللغوي، وهو العلامات الدالة على نبوته وغيرها، مما ثبت له من الكمالات، مدفوع بأن الترجمة فيما ورد في آي التنزيل لا في مطلق العلامات، "إلى علو محله الرفيع" أي: لشريف، "ومرتبته، ووجوب المبالغة في حفظ الأدب معه" كقوله: {لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ} [الحجرات: ١] ، "وكذلك الآيات التي فينا ثناؤه تعالى عليه، وإظهاره عظيم شأنه لديه" عنده، "وقسمه تعالى بحياته" بقوله: {لَعَمْرُكَ إِنَّهُمْ لَفِي سَكْرَتِهِمْ يَعْمَهُونَ} [الحجر: ٧٢] ، اتفق المفسرون على أنه قسم من الله بمدة حياته صلى الله عليه وسلم، حكاه عياض، ومراده مفسر، والسلف، فإنه كما قال ابن القيم: لا يعرف بينهم في ذلك نزاع، ولم يوفق الزمخشري في قوله: إنه خطاب من الملائكة للوط، ويأتي إن شاء الله تعالى بسطه عند حكاية المصنف ذلك، "ونداؤه بالرسول والنبي، ولم يناد باسمه بخلاف غيره من الأنبياء" "فناداهم بأسمائهم" يا آدم، يا نوح، يا إبراهيم، يا لوط، يا موسى، يا عيسى، "إلى غير ذلك مما يشير إلى أنافة" أي: زيادة، "قدره" من أنافت الدراهم على مائة، زادت عليها "العلي" الرفيع "عنده" تعالى، "وأنه لا مجد يساوي مجده" شرفه وكرمه في ذاته وأصوله، "ومن تأمل القرآن العظيم وجده طافحًا" ممتلئًا، أي: