"حتى أتاح" بفتح الهمزة الفوقية فألف فحاء مهملة، أي: يسر "الله لي ذلك وتمم ما هنالك فأوضحت" كشفت وجليت "ما خفي" استتر، "من الدليل" اسم فاعل وهو في الأصل المرشد والمكاشف "ومهدت" سلت "ما توعر" صعب "من السبيل" الطريق يذكر ويؤنث. "وسميته المواهب اللدنية" المنسوبة للدن، أي: المواهب التي هي من الله لا ينسب منها لغيره شيء لأن ما جرت العادة بحصول مثله من كسب العبد ينسب له، وما كان بالغًا في النفاسة ينسب إلى الله إشارة إلى أنه لا يمكن حصوله من غيره عادة لعزته، على نحو قول العرب لله دره. قال تعالى: {وَعَلَّمْنَاهُ مِنْ لَدُنَّا عِلْمًا} [الكهف: ٦٥] ، أي: من عندنا، وهذا هو متعلق الصوفية وأهل السلوك في إثبات العلم اللدني نسبة إلى لدن، وهو إلهام المعرفة بالحقائق الغيبية وغيرها، وقال غيره: العلم اللدني يراد به العلم الحاصل بلا كسب ولا عمل للعبد فيه، سمي لدنيًا لحصوله من لدن ربنا لا من كسبنا. وقد صنف الغزالي كتابًا في بيان هذا وبين فيه كيفية حصوله، وأنه لا يمكن أن يحصل بكسب، وذكر فيه قول علي: لو طويت لي وسادة لحكمت بين أهل التوراة بتوراتهم، وبين أهل الإنجيل بإنجيلهم، ولقلت في الباء من بسم الله وقر سبعين جملا. قال: ومعلوم أن عليًا -كرم الله وجهه- إنما أخذه من لدن ربه لا من تعليم بشر، انتهى. ولا يشكل بقوله صلى الله عليه وسلم: "إنما العلم بالتعلم"، رواه ابن أبي عاصم والطبراني والعسكري وغيرهم، وسنده حسن. كما قال الحافظ وجزم به البخاري تعليقًا لجواز أن المراد علم الأحكام والقرآن والأحاديث النبوية، إذ لا طريق إلى معرفتها إلا بالتعليم، فأل، عهدية ولا شك أن عليًا