وقول الشارح: أي: من حيث الاعتبار، فلا ينافي ما قدمه من أنه واجب فيه، أنه لم يقدم ذلك، إنما قدم الوجوب في تفسيره بغير ذلك، "وهذا هو المشهور، كما تقدم" في قوله: إنه نهر في الجنة، وهذا هو المشهور المستفيض عند السلف والخلف، وهذا صريح في تأويل قوله الكوثر: الحوض بما قلناه؛ لأنه الذي قدمه. وقد قيل: إن المراد به الحوض الذي في القيامة على ظاهر الحديث، فلا تأويل، وقيل: الشفاعة، وقيل: المعجزات الكثيرة، وقيل: المعرفة، أي: العلوم اللدنية التي أفاضها عليه بلا واسطة، فكأنها كوثر، وقيلك تخفيفات الشريعة، وقيل: كثرة الأمة، ومغايرته لكثرة الأتباع بحمله على أصحابه لكثرتهم على اتباع غيره عن المرسلين جدا، وقيل: رفعة الذكر، وقيل: الدعوات المجابات له، وقيل: كلمة التوحيد لا إله إلا الله، محمد رسول الله، وقيل: الخمس صلوات التي خصت بها أمته، فهذه عشرة، والمصنف حكى عشرة، فتلك عشرون أصحها الأول. "فسبحان من أعطاه هذه الفضائل العظيمة، وشرفه بهذه الخصال العميمة، وحباه" بموحدة "بما أفاضه عليه من نعمه" جمع نعمة، "الجسيمة، وقد جرت عادة الله تعالى مع أنبيائه عليهم الصلاة والسلام، أن يناديهم بأسمائهم الأعلام نحو: {يَا آدَمُ اسْكُن أَنْتَ وَزَوْجُكَ الْجَنَّةَ} ، وبدأ به؛ لأنه أبو البشر المقدم عليهم، {يَا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلَامٍ} ، وكذا يا إبراهيم، وقد صدقت الرؤيا، {يَا مُوسَى إِنِّي أَنَا اللَّه} ، {يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ اذْكُرْ نِعْمَتِي عَلَيْكَ} ، {يَا دَاوُودُ إِنَّا جَعَلْنَاكَ خَلِيفَةً فِي الْأَرْضِ} ، {يَا زَكَرِيَّا إِنَّا نُبَشِّرُكَ بِغُلَامٍ اسْمُهُ يَحْيَى} ، {خُذِ الْكِتَاب} .