للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ورسولا إلى كافة الثقلين أجمعين.

ويشهد لبعثه يوم الاثنين ما رواه مسلم عن أبي قتادة أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم الاثنين فقال: "فيه ولدت وفيه أنزل عليّ".

وقال ابن القيم في "الهدى النبوي": واحتج القائلون بأنه كان في رمضان بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] . قالوا: أول ما أكرمه الله تعالى بنبوته أنزل عليه القرآن.


منزلة الإرسال، فعبر عنه بالبعث مجازًا وإلا فحقيقة إرسال شخص من مكان لآخر يتعدى إليه الفعل بنفسه وإن وصل بنفسه كما هنا، وإلا فبالياء كبعثت بالكتاب عند أكثر اللغويين، وبه قطع المصباح.
"ورسولا إلى كافة الثقلين" الإنس والجن "أجمعين" وكأنه اقتصر عليهما؛ لأن آثار الإرسال إنما يتعلق بهما، والملائكة وإن كان مرسلا إليهم في الراجح غير مكلفين بشرعة وأشعر المصنف بتقارن الرسالة والنبوة، قال شيخنا: وهو الصحيح كما قال بعض مشايخنا، وقيل: النبوة متقدمة على الرسالة، وعليه ابن عبد البر وغيره، واقتصر عليه المصنف فيما يجيء.
"ويشهد لبعثه يوم الاثنين، ما رواه مسلم" مختصرًا من طريق مهدي بن ميمون عن غيلان عن عبد الله بن معبد، "عن أبي قتادة" الخزرجي السلمي الحارث بن ربعي بكسر الراء، شهد المشاهد، إلا بدرًا ففيها خلف "أنه صلى الله عليه وسلم سئل عن صوم" يوم "الاثنين، فقال: "فيه ولدت، وفيه أنزل عليّ" ورواه مسلم قبل ذلك في حديث طويل من طريق شعبة عن غيلان عن ابن معبد عن أبي قتادة، بلفظ: وسئل عن صوم يوم الاثنين، فقال: "ذاك يوم ولدت فيه، ويوم بعثت فيه" أو قال: "أنزل عليّ فيه"، فصدق كل من المصنف والشامي في العزو لمسلم؛ لأنهما روايتان فيه.
"وقال ابن القيم في الهدي" بفتح الهاء وسكون الدال، "النبوي" يعني: كتابه زاد المعاد في هدي خير العباد؛ لأن تراجمه كلها يقول: هديه عليه السلام في كذا "واحتج القائلون بأنه كان في رمضان" وإن اختلفوا في تعيين، أي: يوم منه على ما مر.
وأما حديث واثلة: وأنزل الله القرآن لأربع وعشرين خلت من رمضان على تسليم أن المراد على المصطفى، فإنما هو دليل للقائل به إذ المعنى: احتج المتفقون على أنه كان في رمضان، "بقوله تعالى: {شَهْرُ رَمَضَانَ الَّذِي أُنْزِلَ فِيهِ الْقُرْآنُ} [البقرة: ١٨٥] ، أي: ابتدئ فيه إنزاله، "قالوا: أو ما أكرمه الله تعالى بنبوته أنزل عليه القرآن" وهو إنما أنزل في رمضان

<<  <  ج: ص:  >  >>