"وبهذا بان" ظهر واتضح "لنا معنى حديثين كانا خفيا" أي: بعد إدراكهما "عنا، أحدهما قوله صلى الله عليه وسلم: "بعثت إلى الناس كافة"، كنا نظن أنه في زمانه إلى يوم القيامة، فبان أنه جميع الناس أولهم وآخرهم. "والثاني قوله صلى الله عليه وسلم: "كنت نبيًا وآدم بين الروح والجسد" رواه أحمد والبخاري في التاريخ، وأبو نعيم وغيرهم: "كنا نظن أنه بالعلم، فبان أنه زائد على ذلك" على ما شرحناه يعني بقوله أولصا أنه قد جاء أن الله تعالى خلق الأرواح قبل الأجساد، فقد يكون قوله: "كنت نبيًا" إشارة إلى روحه وحقيقة من الحقائق، والحقائق تقصر عقولنا عن معرفته، وإنما يعلمها خالقها، ومن أمده بنور إلهي، ويؤتي الله كل حقيقة منها ما يشاء في الوقت الذي يشاء، فحقيقته صلى الله عليه وسلم قد تكون من حين خلق آدم، أتاها ذلك الوصف، بأن يكون خلقها متهيئة لذلك، وإفاضة عليها من ذلك الوقت، فصار نبيًا، فحقيقته موجودة من ذلك الوقت، وإن تأخر جسده المتصف بها، إلى أن قال: فقد علم أن من فسره بعلم الله؛ بأنه سيصير نبيًا لم يصل إلى هذا المعنى؛ لأن علمه