للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقيل: كان ابتداء المبعث في رجب.

وروى البخاري في "التعبير" من حديث عائشة: "أول ما بدئ به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي....................................


والقرآن هو القسم الثاني، والأول هو السنة، كما ورد أن جبريل كان ينزل بالسنة؛ كما ينزل بالقرآن. وقد رأيت ما يعضد كلامه، فروى ابن أبي حاتم عن الزهري أنه سئل عن الوحي، فقال: الوحي ما يوحي الله إلى نبي من أنبيائه فيثبته في قلبه فيتكلم به ويكتبه، وهو كلام الله ومنه ما لا يتكلم به ولا يكتبه لأحد ولا يأمر بكتابته ولكنه يحدث به الناس حديثًا ويبين لهم أن الله أمره أن يبينه للناس ويبلغهم إياه، قاله في الإتقان ببعض اختصار. وذكر في فتاويه عن شيخه الكافيجي أن التلقف الروحاني لا يكيف.
"وقيل: كان ابتداء المبعث في رجب" حكى مغلطاي وغيره من العتقي أنه بعث وهو ابن خمس وأربعين سنة لسبع وعشرين من رجب، قال شيخنا: فيحتمل أن هذا اليوم هو المراد لصاحب هذا القول وهو وضاح وإن ثبت أنه يقول: سنة خمس وأربعون سنة.
"وروى البخاري في" كتاب "التعبير" من صحيحه، وفي التفسير، وفي بدء الوحي والإيمان لكنه اختار ما في التعبير؛ لأن سياقه فيه أتم فذكر الحزن والتردي إلى آخر الحديث إنما هو فيه دون تلك المواضع ودون كتاب مسلم ولذا لم يعزه لهما.
وأما جعل نكتة ذلك أنه كان بصدد ما وقع له يقظة والآن بصدهه أوقع له قبل ذلك فناسب نقله من التعبير، فبادرة لا محصل لها والتعبير تفعيل من عبرت مشددًا، قال المصنف: وعبرت الرؤيا بالتخفيف هو الذي اعتمده الإثبات وأنكروا التشديد لكن أثبته الزمخشري اعتمادًا على بيت أنشده المبرد في الكامل لبعض الأعراب:
رأيت رؤيا ثم عبرتها ... وكنت للأحلام عبارًا
وقال غيره: يقال عبرت الرؤيا بالتخفيف إذا فسرتها وعبرتها بالتشديد للمبالغة، انتهى. وهو تفسير الرؤيا؛ لأنه يعبر من ظاهرها إلى باطنها والعبر والعبور الدخول والتجاوز، وقيل: لأنه ينظر فيها، ويعتبر بعضها ببعض حتى تفهم فهو من الاعتبار وسيأتي بسط القول فيه إن شاء الله تعالى في مقصد الرؤيا بحول الله وقوته.
"من حديث عائشة" مرسلا؛ لأنها لم تدرك ذلك الوقت فإنما سمعته من النبي صلى الله عليه وسلم أو صحابي آخر عنه، قال الحافظ تبعًا للطيبي: ويؤيد سماعها له منه قولها في أثناء الحديث، قال: فأخذني فغطني. "أول ما بدئ" بضم الموحدة وكسر المهملة فهمزة "به رسول الله صلى الله عليه وسلم من الوحي" أي: من أقسامه فمن للتبعيض، وقول القزاز لبيان الجنس: كأنها قالت: من جنس الوحي

<<  <  ج: ص:  >  >>