"قال القاضي عياض" مبينًا وجه دفع ما ذكره لم تمسكوا به: "فيكون المعنى" لوضعنا عنك إلى آخره "على قول من جعل ذلك" الوضع مصروفًا "لما قبل النبوة، اهتمام النبي صلى الله عليه وسلم" خبر يكون "بأمور فعلها قبل نبوته"، أي: اعتناءه ببيان الله لحكمها حتى لا يكون عنده هم وغم "وحرمت عليه بعد النبوة" ولم يكن مكلفًا بها قبلها "فعدت أوزارًا" بعدما حرمت باعتبار ما بعد النبوة، "وثقلت عليه، وأشفق" خاف "منها" من المؤاخذة بها لشدة مراقبته وخشيته لله، فمعنى وضعها على هذا، إعلامه بعدم المؤاخذة بها؛ وأنها ليست وزرًا عليه يخافه، لأنه لم يكن مكلفًا بتركها. "وقيل: إنها ذنوب أمته صارت عليه كالوزر" بجعل المعقول كالمحسوس "فأمنه اله من عذابهم في العاجل بقوله: {وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ} [الأفال: ٣٣] ، "ووعده الشفاعة في الآجل"، بنحو قوله: {وَلَسَوْفَ يُعْطِيكَ رَبُّكَ فَتَرْضَى} [الضحى: ٥] ، وقيل حططنا عنك ثقل أيام الجاهلية، كاه مكي "واما قوله تعالى: {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} [الفتح: ٢] "فقال ابن عباس: في إزالة الشبهة عن ظاهره المقتضى وقوع ذنوب من عليه بغفرانها، مع أنه لا ذنب، "أي: إنك مغفور لك غير مؤاخذ بذنب، أن لو كان" أي: وجد فهي تامة، فهو على طريق الفرض تطمينًا له، فلم يرد أنه وقع ذنب غفر، بل لو فرض وقوعه وقع مغفورًا. وأخرج ابن المنذر، عن ابن عباس: أن النبي صلى الله عليه وسلم لما أمر أن يقول: {وَمَا أَدْرِي مَا يُفْعَلُ بِي وَلَا بِكُمْ} ، سر بذلك الكفار، فأنزل {لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِكَ وَمَا تَأَخَّرَ} .