"حتى" ابتدائية غائية متعلقة بمحذوف، أي: فتناوله مشقة عظيمة حتى "إن" بكسر الهمزة "جبينه ليتفصد" بفاء وصاد مهملة مشددة، أي يسيل، "عرقًا" بفتح الراء والنصب على التمييز، شبه جبينه بالعرق المفصود مبالغة في كثرة العرق من كثرة معاناة التعب والكرب عند نزوله لطروه على طبع البشر، وذلك ليبلو صبره فيرتاض لما كلفه من أعباء النبوة وقراءته بالقاف تصحيف، قاله العسكري وغيره. قال الدماميني: والجبين غير الجبهة وهو فوق الصدغ، والصدغ ما بين العين والأذن، فالإنسان جبينان يكتفيان الجبهة، والمراد والله أعلم أن جبينيه معًا يتفصدان، وأفراده لجواز أنه يعاقب التثنية في كل اثنين بغنى أحدهما عن الآخر كالعينين والأذنين، تقول: عين حسنة، وتزيد عينيه معًا. "في اليوم الشديد البرد" قال المصنف: الشديد صفة جرت على غير من هي له؛ لأنه صفة البرد لا اليوم. "حتى" الأولى بالواو كما في الشامية؛ لأنه عطف غاية على غاية لا غاية للغاية. "إن راحلته لتبرك" بضم الراء "به في" أي: على "الأرض" كما رواه البيهقي في الدلائل في حديث عائشة، بلفظ: "وإن كان ليوحى إليه وهو على ناقته فتضرب جرانها من ثقل ما يوحى إليه". "ولقد اءه الوحي مرة كذلك وفخذه" بكسر الخاء وتسكن تخفيفًا، "على فخذ زيد بن ثابت" الأنصاري النجاري أحد كتاب الوحي ومن كان يفتي في العصر النبوي، وروى أحمد بسند صحيح: "أفرضكم زيد"، مات سنة اثنتين أو ثلاث أو خمس وأربعين. "فثقلت" بضم القاف "عليه، حتى كادت ترضها" بفتح الفوقية وشد المعجمة تكسرها؛ كما رواه البخاري عن زيد: "أنزل الله على رسوله وفخذه على فخذي فثقلت عليّ حتى خفت أن ترض فخذي". لما ذكر ابن القيم دليل المرتبتين الأولتين، وكانت الثالثة والرابعة غير محتاجين لذكر الدليل لشهرته في الصحيحين والموطأ عن عائشة: أن الحارث بن هشام سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم: كيف يأتيك الوحي؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "أحيانًا يأتيني مثل صلصلة الجرس وهو أشد علي، فيفصم عني، وقد وعيت عنه ما قال وأحيانًا يتمثل لي الملك رجلا فيكلمني فأعي ما يقول". قالت عائشة: ولقد رأيته ينزل عليه الوحي في اليوم الشديد البرد فيفصم عنه وإن جبينه ليتفصد عرقًا،