للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثم ضرب برجله الأرض فنبعت عين ماء فتوضأ منها جبريل ثم أمره أن يتوضأ وقام جبريل يصلي وأمره أن يصلي معه فعلمه الوضوء والصلاة ثم عرج إلى السماء ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر بحجر ولا مدر ولا شجر إلا وهو يقول السلام عليك يا رسول الله، حتى أتى خديجة فأخبرها فغشي عليها من الفرح ثم أمرها فتوضأت وصلى بها كما صلى به جبريل فكان ذلك أول فرضها ركعتين ثم إن الله تعالى أقرها في السفر كذلك وأتمها في الحضر.


في الابتداء بهما، ويأتي إن شاء الله تعالى بسط ذلك في الخصائص. "ثم ضرب برجله الأرض" من إطلاق الكل على الجزء، بدليل رواية ابن إسحاق وغيره، فهمز بعقبه بفتح السين وكسر القاف: مؤخر القدم.
"فنبعت عين ماء فتوضأ منها جبريل" زاد ابن إسحاق: ورسول الله ينظر إليه ليريه كيف الطهور إلى الصلاة, "ثم أمره أن يتوضأ" كما رآه يتوضأ، وروى أحمد وابن ماجه والحارث وغيرهم، عن أسامة بن زيد عن أبيه: أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم في أول ما أوحى إليه فأراه الوضوء والصلاة، فلما فرغ من الوضوء أخذ غرفة من ماء فنضح بها فرجه، "وقام جبريل يصلي وأمره أن يصلي معه" زاد في رواية أبي نعيم عن عائشة: فصلى ركعتين نحو الكعبة، "فعلمه الوضوء والصلاة، ثم عرج إلى السماء ورجع رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يمر بحجر ولا مدر" محركة جمع مدرة: قطع الطين اليابس أو العلك الذي لا رمل فيه والمدن والحضر؛ كما في القاموس.
"ولا شجرة، إلا وهو يقول: السلام عليك يا رسول الله" يحتمل أنه صلى الله عليه وسلم كان يرد عليها مكافأة وإن لم يكن واجبًا، قال الدلجي: ورد بأن السلام شرع للتحية وليست من أهلها وبأنه يتوقف على بقل وفيه نظر، فإن المكافأة تكون ولو لغير الأهل، وهو لم يجزم به حتى طالب بنقل إنما أبداه احتمالا وهو كاف في مثل هذا.
وسار صلى الله عليه وسلم "حتى أتى خديجة، فأخبرها فغشي عليها من الفرح" زاد في رواية: ثم أخذ بيدها وأتى بها إلى العين فتوضأ ليريها الوضوء، "ثم أمرها فتوضأت وصلى بها كما صلى به جبريل" وزاد في رواية: وكانت أول من صلى. وفي رواية أبي نعيم، فقالت: أرني كيف أراك، فأراها فتوضأت ثم صلت معه، وقالت: أشهد أنك رسول الله، "فكان ذلك أول فرضها" أي الصلاة من حيث هي لا الخمس؛ لأن فرضها إنما كان صبح الإسراء، وهذه وقعت عقب الوحي؛ كما مر. والمراد: أول تقديرها، "ركعتين" فلا يخالف ما يجيء عن النووي من أنه لم يفرض قبل الخمس إلا قيام الليل، "ثم إن الله تعالى أقرها" أي: شرعها على هيئة ما كان يصليها قبل "في السفر كذلك" ركعتين، "وأتمها في الحضر" أربعًا وبهذا التقرير اندفع الإشكال.

<<  <  ج: ص:  >  >>