قال العيني: في نظره نظر، لأن كلام ابن عباس يصدق على خروج مسيلمة بعده صلى الله عليه وسلم، وأما كلامه في حق الأسود، فمن حيث أن أتباعه ومن لاذ به تبعوا سبيله وقووا شوكته، فأطلق عليه الخروج بعده بهذا الاعتبار، كذا قال، وهو كلام يضحك منه، فإن قوله يصدق على خروج مسيلمة بعده تقرير لقول الحافظ، يحمل على التغليب وقوله: وأما كلامه ... إلخ، فإنما يتم أن ثبت أن أتباعه بعد قتله استمروا على ما كانوا عليه معه وأتى به، ولذا قال المصنف عقب نقله. انتهى. فليتأمل "قال المهلب: هذه الرواية ليست على وجهها" أي ظاهرها، "وإنما هي ضرب من المثل، وإنما أول النبي صلى الله عليه وسلم السوارين بالكذابين، لأن الكذب وضع الشيء في غيره موضعه" تفسير باللازم وإلا فهو لغة الإخبار عن الشيء بخلاف ما هو عمدا أو خطأ، "فلما رأى في ذراعيه سوارن من ذهب، وليس من لبسه" أي مما يليق به ويلبسه، ولم يسبق له لبسهما، "لأنهما من حلية النساء، عرف أنه سيظهر من يدعي ما ليس له" فهو كاذب، "وأيضا ففي كونهما من ذهب، والذهب نهي عن لبسه" تحريما "دليل على" وجود "الكذب" إذ محال أن يلبس ما نهى عنه، "وأيضا: فالذهب مشتق من الذهاب، فعلم أنه شيء يذهب عنه، وتأكد ذلك بالإذن له في نفخهما، فطارا، فعرف أنه لا ينسب لهما أمر، وأن كلامه بالوحي الذي جاء به يزيلهما عن موضعهما" وفي ذلك إشارة إلى حقارة أمرهما، لأن شأن الذي ينفخ فيه فيذهب بالنفخ أن يكون في غاية الحقارة، قاله بعضهم، ورده ابن العربي، بأن أمرهما كان في غاية الشدة، لم ينزل بالمسلمين قبله مثله، قال الحافظ: وهو كذلك، لكن الإشارة إنما هي إلى الحقارة المعنوية لا الحسية، ويتجه في تأويل نفخهما أنه قتلهما بريحه، لأنه