"ومن ذلك قوله تعالى": اذكر {وَإِذْ يَعِدُكُمُ اللَّهُ إِحْدَى الطَّائِفَتَيْنِ} [الأنفال: ٧] ، العير أو النفير {أَنَّهَا لَكُمْ وَتَوَدُّونَ} تريدون {أَنَّ غَيْرَ ذَاتِ الشَّوْكَةِ} ، أي البأس والسلاح {تَكُونُ لَكُمْ} " لقلة عَددها، وعُددها بخلاف النفير، "الآية فإنها" أي القصة، وفي نسخة: فإنه، أي الشأن "كان لقريش قافلتان، إحداهما ذات غنيمة دون الأخرى، فأخبر الله تعالى عما في ضمائرهم" وهو ودهم للغنيمة دون القتال، "وأنجز لهم ما وعد" من النصر البالغ يوم بدر، "ولا شك أن الوعد كان قبل اللقاء، لأن الوعد بالشيء بعد وقوعه غير جائز" إذ هو مجرد عبث. "ومن ذلك قوله تعالى: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} [القمر: ٤٥] ، قال الزجاج: يعني الأدبار، لأن اسم الواحد يقع على الجمع، أي سيفرق جمعهم ويغلبون، "وهذا إخبار عن المستقبل، لأن السين تعين الاستقبال يعني" بالجمع "كفار قريش يوم بدر" وفيه علم من أعلام النبوة، لأن الآية: نزلت بمكة، وأخبرهم أنهم سيهزمون في الحرب، فكان كما قال. وعند ابن أبي حاتم عن عكرمة، وعبد الرزاق, عن معمر، عن قتادة أن عمر بن الخطاب قال: لما نزلت، أي جمع يهزم، أي جمع يغلب، قال: فلما كان يوم بدر رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم تثبت في الدرع، وهو يقول: {سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَيُوَلُّونَ الدُّبُرَ} ، فعرفت تأويلها يومئذ، "وقد كان عددهم ما بين تسعمائة إلى ألف" أي تسعمائة وخمسين مقاتلا عند ابن عقبة وابن عائذ. وفي صحيح مسلم عن عمر: كانوا ألفا، وهو أولى بالصواب على أنه يمكن الجمع، بأن الخمسين غير مقاتلين، لأنهما قيدا بمقاتلا، ومر بسط ذلك، "وكانوا مستعدين بالمال والسلاح،