"ومن ذلك قوله تعالى: {قُلْ إِنْ كَانَتْ لَكُمُ الدَّارُ الْآخِرَةُ عِنْدَ اللَّهِ خَالِصَةً مِنْ دُونِ النَّاسِ فَتَمَنَّوُا الْمَوْتَ إِنْ كُنْتُمْ صَادِقِينَ} [البقرة: ٩٤] تعلق بتمنيه الشرطان على أن الأول قيد في الثاني، أي إن صدقتم في زعمكم أنها لكم، ومن كانت له يؤثرها والموصل إليها، فتمنوه {وَلَنْ يَتَمَنَّوْهُ أَبَدًا بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ} [البقرة: ٩٤] "فأخبر" بالبناء للمفعول النبي، أي أخبره الله "أنهم لا يتمنون الموت بالقلب، ولا" يتمنونه "بالنطق باللسان مع قدرتهم عليه أبدا" فنفى عنهم تمنيه في جميع الأزمنة المستقبلة بقوله: {أَبَدًا} ، وبقوله: {لَنْ} ، "فأخبر" صلى الله عليه وسلم بذلك الذي أوحي إليه، "فوجد مخبره، كما أخبره فلو لم يعلموا ما يلحقهم من الموت"، أي العذاب الأليم بعده "لسارعوا إلى تكذيبه بالتمني", إذ هم أحرص شيء على تكذيبه لو قدروا "ولو لم يعلم ذلك" صلى الله عليه وسلم "لخشي أن يجيبوا إليه، فيقضى عليه بالكذب،" فظهر