والحاصل أنه لا يحتاج للنص على سبقهن للإسلام؛ لأنه معلوم هذا، ولا يشكل تزويج زينب بأبي العاصي ورقية وأم كلثوم بولدي أبي لهب مع صيانة النبي صلى الله عليه وسلم من قبل البعثة عن الجاهلية؛ لأن تحريم المسلمة على الكافر لم يكن ممنوعًا حتى نزل قوله تعالى: {وَلا تُنْكِحُوا الْمُشْرِكِينَ حَتَّى يُؤْمِنُوا} [البقرة: ٢٢١] ، وقوله تعالى: {فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ} بعد صلح الحديبية؛ كما صرح به العلماء، وقد كفاه الله ولدي أبي لهب فطلقاهما قبل الدخول، واستمرت زينب حتى أسر أبو العاصي ببدر فأرسلت في فدائه، فلما عاد بعثها إليه صلى الله عليه وسلم فلم تزل حتى أسلم وهاجر، فردها إليه صلى الله عليه وسلم. ووقع في حديث عائشة عند ابن إسحاق: أن الإسلام فرق بينهما لكنه صلى الله عليه وسلم لم يقدر على نزعها منه حينئذ، "ودخل الناس في الإسلام" أي: تلبسوا به فالظرفية مجازية حال كونهم "أرسالا" جماعات متتابعين، "من الرجال والنساء" وقد عد العراقي وغيره من كل جملة صالحة، "ثم" بعد ذلك فشوة ذكره بمكة، وتحدث الناس به؛ كما عند ابن إسحاق، "أمر الله رسوله صلى الله عليه وسلم بأن يصدع بما جاءه" منه "أي: يواجه" يخاطب "المشركين" على وجه العموم فلا يخص بعضًا دون بعض؛ لأنه صلى الله عليه وسلم بلغ ما أمر به لمن ظن إجابته دون مبالغة في التعميم فآمن به من مر مع كثيرين، ثم أمر بالمبالغة في إظهار الدعوة، بقوله تعالى: {فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ} [الحجر: ٩٤] ، "وقال مجاهد: هو" أي: الصدع المفهوم من {فَاصْدَعْ} ، "الجهر بالقرآن في الصلاة" ومن لازمه المواجهة بما جاءه، وخص الصلاة؛ لأنها كانت أعظم ما يخفيه لكنه على طريق الدلالة والأول شفاها؛ كما صرح به قول ابن إسحاق: ينادي الناس بأمره ويدعوهم إليه، "وقال أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود" الكوفي الثقة مشهور بكنيته، قال الحافظ: والأشهر أنه الاسم له غيرها، ويقال: اسمه عامر، والراجح أنه لا يصح سماعه من أبيه،