قال الحافظ: وهو مقتضى صنيع البخاري، يعني: ترجمته بقوله: التيمم في الحضر إذا لم يجد الماء لكن تعقب استدلاله به على جواز التيمم في الحضر بأنه ورد على سبب، وهو ذكر الله، فلم يرد به استباحة الصلاة. وأجيب بأنه لما تيمم في الحضر، لرد السلم مع جوازه بدون الطهارة، فمن خشي فوات الصلاة في الحضر جاز له التيمم بطريق الأولى، وقيل: يحتمل أنه لم يرد بذلك التيمم رفع حدث ولا استباحة محظور، وإنما أراد التشبه بالمتطهرين، كما يشرع الإمساك في رمضان لمن يباح له الفطر، أو أراد تخفيف الحدث بالتيمم، كما يشرع تخفيف الجنب بالوضوء، وهذا الاحتمال بعيد. "رواه البغوي في شرح السنة، وقال: حديث حسن" ورواه أيضا الشافعي والدارقطني والطبراني، وأصله في الصحيحين وأبي داود والنسائي، عن أبي الجهيم قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل، فلقيه رجل، يعني: نفسه، فسلم عليه، فلم يرد عليه حتى أقبل على الجدار فمسح بوجهه ويديه، ثم رد السلام. وفي مسلم عن ابن عمر أن رجلا مر ورسول الله صلى الله عليه وسلم يبول، فسلم عليه، فلم يرد عليه، "وهذا" أي: حته للجدار "محمول على أن الجدار كان مباحا، أو كان مملوكا لإنسان يعلم رضاه" بحته كما قاله النووي، وتبعه الحافظ وغيره، قال بعض شراح البخاري: وهو تكلف بلا فائدة لما تقرر أنه صلى الله عليه وسلم إذ احتاج إلى شيء وجب على مالكه بذله له، وإنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، كذا قال.