للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحسنى وزيادة. وفيه ثلاثة فصول.

والله تعالى جل جده وعز مجده أسأل بوجاهة وجهه الوجيه ونبيه النبيه أن يمدني في هذا الكتاب بمدد الإقبال والقبول، وينيلني ومن كتبه أو قرأه أو سمعه والمسلمين من لطائف العواطف المحمدية لطائف السول، ونهاية المأمول، وعلى الله قصد السبيل وهو حسبنا ونعم الوكيل.


"الحسنى وزيادة".
قال الراغب: الزيادة أن ينضم إلى ما عليه الشيء في نفسه شيء آخر، وقد تكون زيادة مذمومة كالزيادة على الكفاية، كزائد الأصابع، أو قوائم الدابة، وقد تكون محمودة نحو للذين أحسنوا الحسنى وزيادة وهي النظر إلى وجه الله.
"وفيه ثلاثة فصول" قد علمتها "والله تعالى جل جده" بفتح الجيم وشد الدال تكون بمعنى الحظ والغنى ومنه: ولا ينفع ذا الجد منك الجد، يقال: جد بمعنى عظم، وإسناد التعالي للمبالغة، كجد جده فهو إسناد مجازي أو استعارة مكنية. "وعز" غلب "مجده" المجد: العز والشرف، ففي إسناد العز له المبالغة والله بالنصب قدم على عامله للتخصيص عند البيانيين، والحصر عند النحاة، أي: والله لا غيره.
"أسأل بوجاهة" هو الحظ والرتبة "وجهه الوجيه" قال بعض العلماء: وجه الله مجاز عن ذاته عز وجل. تقول العرب: أكرم الله وجهك بمعنى. وفي التوقيف: الوجيه من فيه خصال حميدة من شأنه أن يعرف ولا ينكر، "ونبيه النبيه" الشريف في المصباح، نبه بالضم نباهة شرف، فهو نبيه، "أن يمدني" يعينني "في هذا الكتاب بمدد" بزيادة "الإقبال والقبول" بفتح القاف وضمها لغة حكاها ابن الأعرابي، وهو كما في التوقيف ترتب الغرض المطلوب من الشيء على الشيء.
"وينيلني" يبلغني، "ومن كتبه أو قرأه أو سمعه والمسلمين" وإن لم يقع منهم ذلك "من لطائف العواطف المحمدية لطائف السول ونهاية المأمول" قال أبو البقاء: النهاية ما به يصير الشيء ذا كمية، أي: حيث لا يوجد وراءه شيء منه. وقيل: نهاية الشيء آخره أصلا من النهي وهو المنع، والشيء إن بلغ آخره امتنع من الزيادة، فإن قيل: قد قال صلى الله عليه وسلم: "لا يسل بوجه الله إلا الجنة". رواه أبو داود، وقال: "ملعون من سأل بوجه الله"، رواه الطبراني.
قلت: لما كان ما سأله يرجع إلى سؤال الجنة ساغ له ذلك، وقد استظهر أن النهي للتنزيه "وعلى الله قصد السبيل" بيان مستقيم الطريق الموصل إلى الحق، أو إقامة السبيل وتعديلها رحمة وفضلا، "وهو حسبنا" محسبنا وكافينا من أحسبه إذا كفاه، ويدل على أنه بمعنى المحسب

<<  <  ج: ص:  >  >>