للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنه صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة في المسجد، وفي حديث عمران هذا: أنه سلم من ثلاث، وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة، فأما الأول فقد حكى بن كليكلدي العلائي أن بعض شيوخه حمله على المراد به أنه سلم في ابتداء الثالثة، واستبعده، ولكن طريق الجمع يكتفي فيها بأدنى مناسبة، وليس بأبعد من دعوى تعدد القصة، فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، واستفهم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن صحة قوله. وأما الثاني: فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة ظن أنه دخل منزلة، لكون الخشبة كانت في جهة منزله،


ففي حديث أبي هريرة، أن السلام وقع من ثنتين، وأنه صلى الله عليه وسلم قام إلى خشبة في المسجد، وفي حديث عمران هذا أنه سلم من ثلاث، وأنه دخل منزله لما فرغ من الصلاة" فهذان الاختلافان يقويان التعدد، لا سيما مع اختلاف المخرج وهو الصحابي، "فأما الأول فقد حكى" العلامة صلاح الدين خليل "بن كليكلدي العلائي" مر بعض ترجمته "أن بعض شيوخه حمله على أن المراد به أنه سلم في ابتداء الثالثة، واستبعده" العلائي لأنه خلاف المتبادر، إذ التسليم وقع وهو جالس، فأين ابتداء الثالثة "ولكن طريق الجمع يكتفي فيها بأدنى مناسبة" إذ يمكن تصحيحه بتقدير مضاف، أي في إرادة ابتداء الركعة الثالثة فسلم سهوا قبل القيام، "وليس" حمله على ذلك "بأبعد من دعوة تعدد القصة" بل هي أبعد على مفاد النفي عرفا أو مساو على مفاده لغة، وكأنه أريد الأول لقوله، "فإنه يلزم منه كون ذي اليدين في كل مرة استفهم النبي صلى الله عليه وسلم عن ذلك، واستفهم النبي صلى الله عليه وسلم الصحابة عن صحة قوله" لكن لا بعد في هذا ولو لزم ما ذكر، فاستفهام ذي اليدين أولا لا يمنع استفهامه ثانيا لأنه زمان نسخ، لا سيما وقد اقتصر في حديث عمران على قوله: أقصرت الصلاة يا رسول الله كما قدمته عن مسلم، وكذلك استفهام المصطفى الصحابة عن صحة قوله أولا لا يمنع ذلك ثانيا إذ لم تقصر الصلاة، وقد سلم معتقدا الكمال، والإمام لا يرجع عن يقينه لقول المأمومين إلا لكثرتهم جدا، بل عند الشافعي ولا لكثرتهم جدا، ولا شك في أن هذا أقرب من إخراج اللفظ عن ظاهره المحوج إلى تقدير مضاف بلا قرينة، وكونها حديث أبي هريرة غير ناهض لاختلاف المخرج، أي: الصحابي، ثم ماذا يصنع بقوله: فصلى ركعة، وقوله في الرواية الثانية: فصلى الركعة التي كان ترك، وتصحيحه بجنس الركعة ينبو عنه المقام نبوا ظاهرا، فدعوى التعدد أقرب من هذا بكثير، "وأما" الاختلاف "الثاني" وهو قوله في حديث أبي هريرة: قام إلى خشبة في المسجد فوضع يده عليها، وفي حديث عمران: دخل منزله، "فلعل الراوي لما رآه تقدم من مكانه إلى جهة الخشبة، ظن أنه دخل منزله، لكون الخشبة كانت في جهة منزله" وبعد هذا لا يخفى لما

<<  <  ج: ص:  >  >>