للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بك من البخل، أو أعوذ بك من أرذل العمر، وأعوذ بك من فتنة الدنيا وعذاب القبر". رواه البخاري.

وعن زيد بن أرقم كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر كل صلاة: "اللهم ربنا ورب كل


الخير سواء كان مالا أو علما أو جاها أو نحو ذلك، والجواد إما بالنفس ويسمى شجاعة ويقابلها الجبن، وإما بالمال ويسمى سخاوة ويقابلها البخل، ولا تجتمع السخاوة والشجاعة إلا في نفس كاملة، ولا ينعدمان إلا في نفس تناهت في النقص، فاستعاذ منهما كما لا يخفى، "وأعوذ بك من أرذل العمر" بذال معجمة الهرم الشديد المضعف للقوة والعقل والفهم الذي فيه تناقص الأحوال من الخوف وضعف الفكر حتى لا يعلم ما كان يعلم قبل، وهو أسوأ العمر.
قال الطيبي: المطلوب عند المحققين من العمر التفكر في آلاء الله ونعمائه تعالى من خلق الموجودات فيقوموا بواجب شكره بالقلب والجوارح، والخوف المنافي لهما كالشيء الرديء، فينبغي أن يستعاذ منه، وفي روايات للبخاري: "وأعوذ بك أن أرد إلى أرذل العمر". "وأعوذ بك من فتنة الدنيا" يعني: فتنة الدجال كما عند البخاري في بعض المواضع، وقائل ذلك كما عند الإسماعيلي عبد الملك بن عمير وهو راوي الحديث عن مصعب بن سعد عن أبيه، وفي إطلاق فتنة الدنيا على الدجال إشارة إلى أن فتنته أعظم الفتن الكائنة في الدنيا "وعذاب القبر" من إضافة المظروف إلى ظرفه وهو ما فيه من الأهوال والشدائد. في رواية و "أعذ بك من عذاب القبر". "رواه البخاري" في كتاب الدعوات في ثلاثة مواضع متقاربة وفي غيره وفي بعضها اختلاف بالتقديم والتأخير ولا يضر ذلك.
"وعن زيد بن أرقم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في دبر" بضمتين، قال الأزهري: دبر الأمر، يعني بضمتين ودبره، يعني: بضم فسكون آخره وادعى أبو عمرو الزاهد أنه لا يقال بالضم إلا للجارحة، ورد بمثل قولهم أعتق غلامه عن دبر، أي: عقب "كل صلاة" ظاهره يشمل الفرض والنفل، لكن حمل أكثر العلماء حديث: "تسبحون وتحمدون وتكبرون دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين". على الفرض لقوله في رواية لمسلم مكتوبة حملا للمطلقات عليها، والظاهر أن يقال مثله في هذا الحديث، وهل يكون التشاغل بعد المكتوبة بالراتبة بعدها فاصلا بينها وبين الذكر المذكور أو لا.
قال الحافظ: محل نظر، قال: ومقتضى الحديث أن الذكر المذكور يقال عند فراغ الصلاة، فإن تأخر وقل بحيث لا يعد معرضا، أو نسي، أو تشاغل بما ورد أيضا بعد الصلاة كآية الكرسي فلا يضر، "اللهم" يا "ربنا" ويا "رب كل شيء" في النداء بلفظ: "رب" بعد "اللهم"

<<  <  ج: ص:  >  >>