للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

منه وهو مقبل عليه، ثم يسأله إذا انصرف عنه.

ثم قال: لكن الأذكار الواردة بعد المكتوبة يستحب لمن أتى بها أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يفرغ منها، ويدعو بما شاء ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية، وهي الذكر الوارد بعد المكتوبة، لا لكونه دبر المكتوبة، انتهى.

وقد كان في خاطري من دعواه "النفي مطلقا" شيء لما يأتي، ثم رأيت شيخ مشايخنا إمام الحفاظ أبا الفضل بن حجر تعقبه فقال:

وما ادعاه من النفي مطلقا مردود، فقد ثبت عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا معاذ والله إني لأحبك، فلا تدع دبر كل صلاة أن تقول: اللهم أعني


منه" قربا معنويا "وهو مقبل عليه، ثم يسأله إذا انصرف عنه" وهذا ليس بشيء، فإنه صلى الله عليه وسلم لا ينصرف عن الله قط وعلى التنزل، وإن حال الصلاة أقوى فالآثار باقية فأحب أن لا يخليه من الدعاء.
"ثم قال: لكن الأذكار الواردة بعد المكتوبة" كآية الكرسي والتسبيح والتحميد والتكبير، واللهم أنت السلام إلى آخره، ولا إله إلا الله إلى آخره "يستحب لمن أتى بها أن يصلي على النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن يفرغ منها ويدعو بما شاء ويكون دعاؤه عقب هذه العبادة الثانية وهي الذكر الوارد" بيان للعبادة الثانية، أي: المأتي بها "بعد المكتوبة لا لكونه دبر المكتوبة" فابن القيم إنما أنكر الدعاء بعد الصلاة وهو غير الذكر، إذ لا يستطيع إنكاره مع أنه في الصحيحين والسنن وغيرهما، فلو أنكره نسب إلى الجهل مع كونه من سراة المحدثين، فلا يتخيل تناف بين كلاميه كما ظنه من قال قوله، لكن الأذكار ... إلخ، أي: عند من يستعملها اعتمادا على ما رآه فلا ينافي قوله قبل، فلم يكن ذلك من هدي النبي ... إلخ، فإنه عجب إذ اسم الإشارة عائد على قوله، وأما الأدعية وما هنا أذكار، فأي تناف يظن حتى يدفع بما يؤدي إلى تجهيل مثل ابن القيم، مع أنه أثبته بقوله: الأذكار الواردة، وبقوله وهي الذكر الوارد. "انتهى".
"وقد كان في خاطري من دعواه النفي" لا لكونه "مطلقا" كما فهم كثير، لأنه قيده بقوله بعد السلام مستقبل القبلة "شيء لما يأتي" من الأحاديث المصرحة بخلافه، لكن لم أقدم على رده حتى رأيت كلام الحفاظ، كما قال: "ثم رأيت شيخ مشياخنا إمام الحفاظ أبا الفضل بن حجر تعقبه، فقال: وما ادعاه من النفي مطلقا" للإمام والمأموم والمنفرد "مردود، فقد ثبت عن معاذ بن جبل أن النبي صلى الله عليه وسلم قال له: "يا معاذ والله" أقسم تأكيدا وتقوية للخبر زيادة في تبشيره، "إني لأحبك" بلام التأكيد، "فلا تدع" تترك "دبر كل صلاة" أي: عقبها "أن تقول: اللهم أعني على

<<  <  ج: ص:  >  >>