للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

قال الشافعي وأبو حنيفة وجمهور السلف: لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد إلا قائما، واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته بعد هذا قاعدا، وأبو بكر والناس خلفه قياما, وإن كان بعض العلماء زعم أن أبا بكر رضي الله عنه كان هو الإمام، والنبي صلى الله عليه وسلم مقتد به، لكن الصواب أن صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام.


وفي رواية: قال الحميدي: هذا منسوخ لأن النبي صلى الله عليه وسلم صلى في مرضه الذي مات فيه والناس خلفه قيام لم يأمرهم بالقعود، قاله المصنف. "انتهى" كلام البخاري.
"قال الشافعي وأبو حنيفة وجمهور السلف" ومنهم مالك في رواية عنه ضعيفة: "لا يجوز للقادر على القيام أن يصلي خلف القاعد" لعذر "إلا قائما" فيجوز وتصح الصلاة، "واحتجوا بأنه صلى الله عليه وسلم صلى في مرض موته بعد هذا قاعدا وأبو بكر والناس خلفه قياما" فأقر الصحابة على القيام خلفه وهو قاعد، وأنكر أحمد وإسحاق وغيرهما دعوى النسخ، وقالوا: إن صلى الإمام جالسا صلى المأموم كذلك ولو قدر على القيام، قال أحمد: وفعله أربعة من الصحابة بعده صلى الله عليه وسلم جابر وأبو هريرة وأسيد بن حضير وقيس بن فهد، بفتح القاف وسكون الهاء الأنصاري، "وإن كان بعض العلماء" المانعين صلاة القائم خلف القاعد.
"زعم أن أبا بكر رضي الله عنه كان هو الإمام" وقد صلى قائما "والنبي صلى الله عليه وسلم مقتد به" فلا يرد نقضا على قولهم بالبطلان "لكن الصواب أنه صلى الله عليه وسلم كان هو الإمام" والرواية المشهورة عن مالك بطلان صلاة المأموم قائما بالقاعد، وقاله محمد بن الحسن، وقال: ذلك خاص بالنبي صلى الله عليه وسلم لحديث جابر الجعفي عن الشعبي مرفوعا: "لا يؤمن أحد بعدي جالسا" وتعقب بأن جابر ضعيف مع إرساله، لكن قواه عياض، بأن الخلفاء الراشدين لم يفعله أحد منهم والنسخ لا يثبت بعده صلى الله عليه وسلم لكن مواظبتهم على ترك ذلك تشهد لصحة الحديث، قال: والحجة للخصوصية أنه لا يصح التقدم بين يديه لنيه الله تعالى عن ذلك، ولأن الأئمة شفعاء، ولا يكون أحد شافعا له، ولذا قال أبو بكر: ما كان لابن أبي قحافة أن يتقدم بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم. انتهى.
ولا يشكل عليه صلاته خلف عبد الرحمن بن عوف وأبي بكر، لأن محل المنع إذا أمه هو عليه السلام، أما إذا أم غيره وجاء وأبقاه، فلا منع بدليل قصتي أبي بكر وعبد الرحمن، إذ كل منهما أم غيره لغيبته، فجاء وأبقاه والحق له، وإلى نحو هذا أشار ابن عبد البر، ونقل ابن العربي عن بعض الأشياخ: أن الحال أحد وجوه التخصيص، وحاله صلى الله عليه وسلم والتبرك به وعدم العوض عنه تقتضي الصلاة معه على أي حال كان عليها، وليس ذلك لغيره ولا يرد عليه حديث: "صلوا كما رأيتموني أصلي" لأنه عام.

<<  <  ج: ص:  >  >>