للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أقبل كفار قريش على من آمن يعذبونهم ويؤذونهم ليردوهم عن دينهم.

حتى إنه مر عدو الله، أبو جهل، بسمية أم عمار بن ياسر، وهي تعذب فطعنها في فرجها فقتلها.

وكان الصديق إذا مر بأحد من العبيد يعذب اشتراه منهم وأعتقه، منهم بلال


شرعًا بدون انقياد، "أقبل كفار قريش" أي: التفتوا وسعوا لا الإقبال بالوجه "على من آمن" بإغراء أبي جهل "يعذبونهم" بأنواع العذاب إن لم يكن لهم قوة ومنعة، "ويؤذونهم" بالتوبيخ بالكلام ونحوه لمن له منعة؛ كما روي أن أبا جهل كان إذا سمع برجل أسلم وله شرف ومنعة لامه، وقال: تركت دين أبيك وهو خير منك، لنسفهن حلمك ولنغلبن رأيك ولنضعن شرفك؛ وإن كان تاجرًا، قال: لنكسدن تجارتك ولنهلكن مالك؛ وإن كان ضعيفًا ضربه وأغرى به، واستمر الملعون في أذاه "حتى إنه" بكسر الهمزة "مر عدو الله أبو جهل بسمية" بضم المهملة مصغر، إحدى السابقات كانت سابع سبعة في الإسلام، "أم عمار بن ياسر وهي تعذب" هي وابناها عمار وعبد الله وأبوهما ياسر بن عامر؛ كما رواه البلاذري عن أم هانئ، قالت: فمر بهم النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: "صبرًا آل ياسر، فإن موعدكم الجنة" فمات ياسر في العذاب وأعطيت سمية لأبي جهل "فطعنها في فرجها" بحربة وهي عجوز كبيرة "فقتلها" ورمى عبد الله فسقط، وقد روى ابن سعد بسند صحيح عن مجاهد أن سمية أول شهداء الإسلام.
وروى ابن عبد البر عن ابن مسعود: أن أبا جهل طعن بحربة في فخذ سمية أم عمار حتى بلغت فرجها فماتت، فقال عمار: يا رسول الله! بلغ منا أو بلغ منها العذاب كل مبلغ، فقال صلى الله عليه وسلم: "اصبر أبا اليقظان، اللهم لا تعذب من آل ياسر أحد بالنار" وأما عمار ففرج الله عنه بعد طول تعذيبه؛ فقد جاء أنه كان يعذب حتى لا يدري ما يقول، ورئي في ظهره أثر كالمخيط فسئل، فقال: هذا ما كانت تذبني قريش في رمضاء مكة، وجاء أنهم أحرقوه بالنار، فمر صلى الله عليه وسلم فأمر يده عليه، وقال: "يا نار كوني بردًا وسلامًا على عمار، كما كنت على إبراهيم"، "وكان الصديق إذا مر بأحد من العبيد يعذب" أراد ما يشمل الإناث لكونهن فيهم "اشتراه منهم" من سادتهم المعذبين لهم. "وأعتقه" ابتغاء وجه ربه الأعلى، "منهم" من العبيد الذين اشتراهم: "بلال" بن رباح براء مفتوحة فموحدة خفيفة فألف مهملة، الحبشي على المشهور، وهو ما رواه الطبراني وغيره عن أنس، وقيل: النوبي ذكر ابن سعد أنه كان من مولدي السراة، وكان مولى بعض بني جمح، ثم مولى الصديق. روى ابن أبي شيبة بسند صحيح عن قيس بن أبي حازم أن أبا بكر اشتراه

<<  <  ج: ص:  >  >>