"ونشره" إظهاره وإذاعته "منشور رسالته في مجلس مؤانسته" أي الله سبحانه أو النبي صلى الله عليه وسلم "وكتبه" إثباته "توقيع" تعلق "عنايته في حظائر قدس كرامته" أي: في المواضع التي تظهر فيها كرامته المنزهة عن النقائص، ككتبها على كل موضع في الجنة وعلى نحو العين، وساق العرش كما يجيء، "وطهارة نسبه" نزاهته عن دنس الجاهلية وسفاف الأمور تعاطيه الهمم العلية "وبراهين" جمع برهان وهو الدليل القوي الذي يحصل به اليقين لا المنطقي ليماوانيا، وإن شمله "أعلام آيات" إضافة بيانية، أي: براهين الأعلام التي هي آيات دالة على "حمله" وإضافة براهين إلى أعلام حقيقة، أي: البراهين الدالة على أن ما أدركته أمة من الآيات، هي أمارات على الحمل حقيقة "وولادته ورضاعه وحضانته ودقائق حقائق بعثته", أراد بها ما لا يفهم أنه من آثار الرسالة إلا بعد النظر الدقيق كرؤية الملك في ابتداء الوحي، فإنه إنما يدل على ذلك بعد التأمل وإمعان النظر فيه. "وهجرته" هي في اللغة: الترك، ثم خصت بترك مكان لا آخر، وغالب الأنبياء وقع لهم الهجرة لعداوة الناس لهم، "ولطائف معارف مغازيه وسراياه وبعوثه وسيرته" هيئته وحالته وطريقته، لا ما غلب في لسان الفقهاء من أنها المغازي لكونه قدمها "مرتبًا على السنين" غالبًا، "من حين نشأته إلى وقت وفاته ونقلته لرياض روضته". "اعلم" أمر من العلم يصدر به ما يعتني به من الكلام تقوية وتأكيدًا وحثًا على إلقاء البال لما بعده، تنبيهًا على أنه مما ينبغي أن يعلم ولا يترك, وقد ورد في القرآن وكلام العرب. كقوله: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ} [محمد: ١٩] ، اعلموا {إِنَّمَا الْحَيَاةُ الدُّنْيَا لَعِبٌ وَلَهْوٌ} [محمد: ٣٦] ولذا التزم بعده في الغالب أن المؤكدة؛ كقوله: فاعلم فعلم المرء ينفعه ... أن سوف يأتي كل ما قدرا "يا ذا العقل"، مشتق من العقل مبعنى المنع، ومنه العقال لمنعه الإنسان عما لا يليق, ولذا تطرف في التلميح لأصله القائل: