للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فقلت له: إني صبوت، قال فرفع صوته بأعلاه: ألا إن ابن الخطاب قد صبأ، فما زال الناس يضربوني وأضربهم، فقال خالي: ما هذا؟ قالوا: ابن الخطاب، فقام على الحجر وأشار بكمه فقال: ألا إني قد أجرت ابن أختي، قال: فانكشف الناس عني؛


ساكنه ثم راء، ابن حبيب الجمحي أسلم يوم الفتح وقد شاخ وشهد حنينا وفتح مصر، ومات في خلافة عمر فحزن عليه حزنا شديدا، "فقلت له" سرا "إني صبوت" ملت من دين إلى دين، "قال: فرفع صوته بأعلاه: ألا إن ابن الخطاب" عمر، وكأنه لم يسمه لشهرته فيهم "قد صبأ" وروى ابن إسحاق عن نافع عن ابن عمر، لما أسلم عمر قال: أي قريش أنقل للحديث، فقيل له: جميل، فغدا عليه وغدوت أتبع أثره وأنا غلام أعقل ما رأيت حتى جاءه فقال: أعلمت يا جميل أني قد أسلمت ودخلت في دين محمدا فوالله ما راجعه حتى قام يجر رداءه واتبعه عمر واتبعت أبي، حتى إذا قام على باب المسجد صرخ بأعلى صوته: يا معشر قريش! وهم في أنديتهم حول الكعبة، ألا إن ابن الخطاب قد صبا، ويقول عمر من خلفه، كذب، ولكني أسلمت وشهدت أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، فتعبير عمر لجميل أولا بقوله: صبؤت، يعني على زعمكم "فما زال الناس يضربوني وأضربهم، فقال خالي" يحتمل أنه أبو جهل أو أخوه الحارث بن هشام؛ لأنهما خالاه مجازا لأن عصبة الأم أخوال، الابن وأمه حنتمة بفتح المهملة وسكون النون وفتح الفوقية فتاء التأنيث ابنه هاشم بن المغيرة المخزومي، وهاشم وهاشم أخوان فهما ابنا عم أمه، ومن قال: إنها بنت هشام فقد أخطأ وصحف هاشما بهشام؛ كما قاله ابن عبد البر والسهيلي والحافظ وغيرهم؛ ويحتمل أنه أراد غيرهما من بني مخزوم.
كما ال البرهان: فالجزم بأنه أبو جهل يحتاج لبرهان واختيار أنه خاله حقيقة مبني على خطأ مخالف، لما نبه عليه الحفاظ وأقره ختامهم في فتح الباري. "ما هذا؟ قالوا: ابن الخطاب فقام" خالي "على الحجر" بكسر الحاء وغلط من فتحها؛ كما في النور "وأشار بكمه، فقال: ألا إني قد أجرت ابن أختي" قال في النور، أي: هو في ذمامي وعهدي وجواري، "قال: فانكشف الناس عني" لجلالة خاله عندهم، وعند ابن إسحاق في حديث ابن عمر أن العاصي بن وائل أجاره منهم حينئذ، فيحتمل أنهما معا أجاراه.
وروى البخاري عن ابن عمر، قال: بينا عمر في الدار خائفا إذ جاءه العاصي بن وائل السهمي أبو عمرو، وعليه حلة حبرة وقميص مكفوف بحرير، فقال: ما بالك؟ قال: زعم قومك أنهم سيقتلونني لأنني أسلمت، قال: لا سبيل إليك، بعد أن قال آمنت، فخرج العاصي فلقي الناس قد سال بهم الوادي، فقال: أين تريدون؟ قالوا: نريد ابن الخطاب الذي قد صبا، قال: لا سبيل إليه، فكر الناس وانصرفوا عنه وطريق الجمع أن العاصي أجاره مرتين، مرة مع خاله والأخرى بعد

<<  <  ج: ص:  >  >>