وروى أحمد بإسناد حسن عن ابن مسعود: بعثنا صلى الله عليه وسلم إلى النجاشي ونحن نحو من ثمانين رجلا فيهم ابن مسعود وجعفر وعبد الله بن عرفطة وعثمان بن مظعون وأبو موسى الأشعري ... الحديث. واستشكل ذكر أبي موسى؛ لأن الذي في الصحيحين عنه: بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم ونحن باليمن، فركبنا سفينة فألقتنا إلى النجاشي بالحبشة فوافقنا جعفر بن أبي طالب قأقمنا معه حتى قدمنا المدينة فوافتنا النبي صلى الله عليه وسلم حين افتتح خيبر، فقال: "لكم أنتم يا أهل السفينة هجرتان"، قال الحافظ: ويمكن الجمع بأن موسى هاجر أولا إلى مكة، فأسلم، فبعثه صلى الله عليه وسلم مع من بعث إلى الحبشة، فتوجه إلى بلاد قومه وهم مقابل الحبشة من الجانب الشرقي، فلما تحققوا استقراره صلى الله عليه وسلم وأصحابه المدينة، هاجر هو ومن أسلم من قومه إلى المدينة فألقتهم السفينة لأجل هيجان الريح إلى الحبشة، فهذا محتمل وفيه جمع بين الأخبار، فليعتمد. وعلى هذا فقول أبي موسى بلغنا مخرج النبي صلى الله عليه وسلم، أي: إلى المدينة لا بلغنا مبعثه؛ لأنه يبعد كل البعد أن يتأخر علم مبعثه إلى مضي نحو عشرين سنة، ومع الحمل على مخرجه إلى المدينة فلا بد من زيادة استقراره بها وانتصافه ممن عاداه ونحو ذلك؛ إذ يبعد أيضا أن يخفي عنهم خبر خروجه إلى المدينة ست سنين، ويحتمل أن إقامة أبي موسى بالحبشة طالت لتأخر جعفر عن الحضور إلى المدينة حتى يؤذنه صلى الله عليه وسلم بالقدوم، وذكر ابن مظعون فيهم، وإن كان مذكورا في الأولى؛ لأنهم رجعوا معهم، كما ذكره ابن إسحاق وابن عقبة وغيرهما. "وثماني عشر امرأة" إحدى عشرة قرشيات وسبع غرباء؛ كما في العيون، فالجملة مائة أو واثنان إن عد عمار وأبو موسى، قال ابن إسحاق: فلما سمعوا بمهاجر النبي صلى الله عليه وسلم إلى المدينة رجع منهم ثلاثة وثلاثون رجلا وثمان نسوة، فمات منهم رجلان بمكة وحبس سبعة وشهد منهم بدرا أربعة وعشرون. "وكان منهم: عبيد الله" بضم العين "ابن جحش" أخو عبد الله بفتح العين المستشهد بأحد "مع امرأته أم حبيبة بنت أبي سفيان فتنصر هناك" روى ابن سعد عنها: رأيت في المنام كان زوجي عبيد الله بأسوأ صورة ففزعت فأصبحت فإذا به قد تنصر فأخبرته بالمنام