"فأطلع الله نبيه عليه الصلاة والسلام على أن الأرضة" بفتح الهمز والراء والضاد المعجمة: دويبة صغيرة كالعدسة تأكل الخشيب، "أكلت جميع ما فيها من القطيعة والظلم، فلم تدع إلا أسماء الله فقط" فيما ذكر ابن هشام، وأما ابن إسحاق وابن عقبة وعروة فذكروا عكس ذلك، وهو أن الأرضة لم تدع اسما لله إلا أكلته، وبقي ما يها من الظلم والقطيعة. قال البرهان، ما حاصله: وهذا أثبت من الأول فعلى تقدير تساوي الروايتين يجمع بأنهم كتبوا نسختين فأبقت في إحداهما ذكر الله وفي الأخرى خلافه، وعلقوا إحداهما في الكعبة والأخرى عندهم، فأكلت من بعضها اسم الله ومن بعضها ما عداه لئلا يجتمع اسم الله مع ظلمهم، انتهى. قال في الرواية: فذكر صلى الله عليه وسلم ذلك لعمه، فقال: أربك أخبرك بهذا، قال: "نعم"، قال: لا، والثواقب ما كذبتني قط، فانطلق في عصابة من بني هشام والمطلب حتى أتوا المسجد فأنكر قريش ذلك وظنوا أنهم خرجوا من شدة البلاء ليسلموا رسول الله صلى الله عليه وسلم إليهم، فقال أبو طالب: جرت بيننا وبينكم أمور لم تذكر في صحيفتكم فائتوا بها لعل أن يكون بيننا وبينكم صلح، وإنما قال ذلك خشية أن ينظروا فيها قبل أن يأتوا بها، فأتوا بها معجبين لا يشكون أنه صلى الله عليه وسلم يدفع إليهم فوضعوها بينهم، وقالوا لأبي طالب: قد آن لكم أن ترجعوا عما أحدثتم علينا وعلى أنفسكم، فقال: إنما أتيتكم في أمر هو نصف بيننا وبينكم، إن ابن أخي أخبرني ولم يكذبني أن الله بعث