للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واختلف في المعنى الذي لأجله خالف -صلى الله عليه وسلم- بين طريقيه، فقيل: ليتبرك به كل من في طريقته، وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة لجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان، وعكسه الإشارة إلى فراقه، وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها. وقيل غير ذلك.

وفي صحيح مسلم وغيره، من حديث ابن عباس: أنه -صلى الله عليه وسلم- لقي ركبا


وحكى الحميد عن أبي العباس العذري أن بمكة موضعا ثالثا يقال له: كدى بالضم والتصغير يخرج منه إلى جهة اليمن.
قال المحب الطبري: حققه العذري عن أهل اليمن بمكة، قال: وقد بني عليها باب مكة الذي يدخل منه أهل اليمن.
"واختلف في المعنى الذي لأجله خالف -صلى الله عليه وسلم- بين طريقيه" حيث دخل من العليا التي هي كداء بالفتح والمد، وخرج من السفلى التي هي كدي بالضم والقصر كما في الصحيحين وغيرهما.
"فقيل: ليتبرك به كل من في طريقيه" بالتثنية "وقيل: الحكمة في ذلك المناسبة لجهة العلو عند الدخول لما فيه من تعظيم المكان" المدخول إليه "وعكسه" في الخروج "الإشارة إلى فراقه، وقيل: لأن إبراهيم لما دخل مكة دخل منها، وقيل: غير ذلك" فقيل: لأنه -صلى الله عليه وسلم- خرج منها مختفيا في الهجرة، فأراد أن يدخلها ظاهرا، وقيل: لأن من جاء منها كان مستقبلا للبيت ويحتمل؛ لأنه دخل منها يوم الفتح فاستمر على ذلك، وسبب ذلك قول أبي سفيان بن حرب: لا أسلم حتى أرى النخيل تطلع من كداء، قال العباس: فقلت له: ما هذا؟، قال: شيء طلع بقلبي أن الله لا يطلع الخيل هناك أبدا، قال: فذكرت أبا سفيان بذلك لما دخل -صلى الله عليه وسلم- من كداء، فذكره.
وللبيهقي عن ابن عمر قال -صلى الله عليه وسلم- لأبي بكر: "كيف قال حسان؟ "، فأنشد:
عدمت بنيتي إن لم تروها ... تثير النقع مطلعها كداء
فتبسم وقال: "أدخلوها من حيث قال حسان"، قاله في الفتح.
"وفي صحيح مسلم وغيره" كأبي داود والنسائي "من حديث ابن عباس أنه -صلى الله عليه وسلم- لقي ركبا بالروحاء" بفتح الراء وسكون الواو وحاء مهملة ممدودة.
قال عياض في المشارق: من عمل الفرع بينها وبين المدينة نحو أربعين ميلا، وفي مسلم: ستة وثلاثون، وفي كتاب ابن أبي شيبة: ثلاثون ميلا، زاد في رواية أبي دود: فسلم عليهم قبل

<<  <  ج: ص:  >  >>