قال ابن عباس: إنها لقرينتها في كتاب الله، أي: الفريضة، وكان الأصل قرينته، أي: الحج، وأجيب بأن دلالة الاقتران ضعيفة، وبأن المراد الإتمام بعد الشروع ولا نزاع فيه، وبأن الشعبي قرأ: والعمرة بالرفع، ففصل عطف العمرة على الحج فارتفع الإشكال. وأما حديث زيد بن ثابت مرفوعا: "الحج والعمرة فريضتان"، راه الدارقطني والحاكم. وقال الصحيح عن زيد بن ثابت من قوله: فضعيف فيه إسماعيل بن مسلم ضعفوه. "والمشهور عن المالكية أنها تطوع" أي: سنة مؤكدة "وهو قول الحنفية" لحديث الحجاج بن أرطأة عن محمد بن المنكدر، عن جابر قال: سئل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن العمرة أواجبة هي؟، قال: لا وأن تعتمر فهو أفضل، أخرجه الترمذي وقال: حسن صحيح. وانتقد بأن الحجاج ضعيف، وأجاب الكمال بن الهمام بأنه لا ينزل عن درجة الحسن وهو حجة اتفاقا، وإن قال الدارقطني: لا يحتج بالحجاج، فقد اتفقت الروايات عن الترمذي على تحسين حديثه هذا ولم ينفرد به، فقد رواه ابن جريج عن ابن المنكدر عن جابر وله طريق آخر عن جابر عند الطبراني في الصغير والدارقطني، وضعفه يحيى بن أيوب، وله شاهد عن أبي هريرة مرفوعا: الحج جهاد والعمرة تطوع، وأخرجه ابن قانع. وقال ابن مسعود: الحج فريضة والعمرة تطوع، أخرجه ابن أبي شيبة. انتهى ملخصا. "وقد اعتمر -صلى الله عليه سلم- أربع عمر" هذا دليل جواب أما، ولو عبر بالفاء كان الجواب. "ففي الصحيحين وسنن الترمذي وأبي داود عن قتادة، قال: سألت أنسا كم حج رسول الله -صلى الله عليه وسلم؟، قال: حجة واحدة" أي: بعد الهجرة، وأما قبلها فحج مرات كما أول الحج "واعتمر أربع عمر عمرة في ذي القعدة" التي تسمى عمرة القضاء "وعمرة الحديبية" التي صد عنها باتفاق، وكان في ذي القعدة أيضا كما في الصحيحين بطرق عن أنس، لفظ بعضها: أربع عمرة الحديبية في ذي القعدة حيث صده المشركون وعمرة من العام المقبل في ذي القعدة حيث صالحهم وعجبت ممن وقف على هذا، وقال: قوله: عمرة في ذي القعدة هي التي صد عنها فإنه يكون عين قوله بعده وعمرة الحديبية، إذ هي التي صد عنها باتفاق "وعمرة مع حجته وعمرة الجعرانة" بكسر الجيم وسكون المهملة وخفة الراء وبكسر العين وشد الراء "إذ" أي: