للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عبد الرحمن؟ قالت: وما يقول؟ قلت: يقول: اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- في رجب، فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن، لعمري ما اعتمر في رجب، وما اعتمر من عمرة إلا وأنا معه. قال عروة: وابن عمر يسمع، فما قال: لا ولا نعم، سكت.

وفي رواية أبي داود عن عروة عن عائشة قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر عمرتين في ذي القعدة، وعمرة في شوال.

وفي رواية له عن مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- قال:


في رجب" وهذا يدل على أن عندهم علمًا، فسؤالهم امتحان ففيه جواز الامتحان، لكنه مذهب صحابي، وفي الاحتجاج به خلاف، وكان مالك إذا عرف أنه سؤال امتحان لا يجيب، ولا يحتج له بحديث أخبروني بشجرة لا يسقط ورقها؛ لأن ذلك من الشارع تعليم لما اشتمل عليه من الأحكام، وترجم عليه أبو نعيم باب إلقاء العالم المسألة على طلبته ليختبر أذهانهم، قاله أبو عبد الله الأبي، لكن في قوله: مذهب صحابي نظر، إذ هو كما رأيت إنما فعله عروة ومجاهد وهما تابعيان اتفاقا فلا حجة فيه بلا خلاف "فقالت: يغفر الله لأبي عبد الرحمن" ذكرته بكنيته تعظيما له، ودعت له إشارة إلى أنه نسي "لعمري ما اعتمر" صلى الله عليه وسلم "في رجب" بالتنوين.
"وما اعتمر من عمرة إلا وأنه" أي: ابن عمر "لمعه" حاضر.
وفي رواية للبخاري: ما اعتمر إلا وهو شاهده، وما اعتمر في رجب قط، وقالت ذلك مبالغة في نسبته إلى النسيان، وإنما أنكرت عليه قوله: إحداهن في رجب "وابن عمر يسمع" كلامها "فما قال: لا، ولا نعم سكت" وسكوته يدل على أنه اشتبه عليه أو نسي أو شك، وبهذا أجيب عما استشكل من تقديم قول عائشة النافي على قول ابن عمر المثبت، وهو خلاف القاعدة المقررة، وهذا الحديث في الصحيحين واللفظ لمسلم.
"وفي رواية أبي داود عن عروة، عن عائشة" أنها "قالت: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر عمرتين في ذي القعدة" هما عمرة القضية والتي قبلها "وعمرة في شوال" يعني: عمرة الجعرانة، فهذا مخالف لقول أنس: كلهن في ذي القعدة، وجمع الحافظ بأن ذلك وقع في آخر شوال وأول ذي القعدة، قال: ويؤيده ما رواه ابن ماجه بإسناد صحيح عن مجاهد عن عائشة: لم يعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم- إلا في ذي القعدة.
"وفي رواية له" أي: لأبي داود وكذا لأحمد "عن مجاهد قال: سئل ابن عمر: كم اعتمر النبي -صلى الله عليه وسلم؟، قال: عمرتين، فبلغ ذلك عائشة، فقالت: لقد علم أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اعتمر ثلاثا سوى التي قرنها بحجة الوداع" ففي هذا أن اختلافهما في عدد العمرة وفي السابق

<<  <  ج: ص:  >  >>