للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأنت إذا تأملت ما تقدم من أقوال الأئمة في حجته -صلى الله عليه وسلم- من الجمع استغنيت عن هذا التأويل المتعسف.

قال بعض العلماء المحققين: وفي عدهم عمرة الحديبية التي صد عنها -صلى الله عليه وسلم- ما يدل على أنها عمرة تامة. وفيه إشارة إلى حجة قول الجمهور: أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت خلافا للحنفية، ولو كانت عمرة القضية بدلا عن عمرة الحديبية لكانتا واحدة، وإنما سميت عمرة القضية والقضاء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاضى قرشيا فيها، لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها، إذ لو كان كذلك لكانتا عمرة واحدة.

وأما حديث أبي داود عن عائشة: أنه اعتمر في شوال، فإن كان محفوظا فلعله يريد عمرة الجعرانة حين خرج في شوال، ولكن إنما أحرم في ذي القعدة.


والشافعي أنه كان مفردًا "وأنت إذا تأملت ما تقدم من أقوال الأئمة في حجته -صلى الله عليه وسلم- من الجمع" بأن الإفراد إخبار عن أول أمره والقران إخبار عما استقر عليه "استغنيت عن هذا التأويل المتعسف" لأن خلاف الظاهر، لكنه مبني على الأصح عند الشافعية، والمالكية أنه حج مفردا، ومر أن الإمام الشافعي أول ما ورد بخلافه على أمره لغيره كبني الأمير المدينة، فما هنا عن عائشة وابن عمر من ذلك فلا تعسف فيه.
"قال بعض العلماء المحققين" هو ابن التين كما في الفتح "وفي عدهم" أي: الصحابة عائشة وأنس وابن عمر "عمرة الحديبية التي صد عنها -صلى الله عليه وسلم" خبر مقدم على المبتدأ، وهو "ما يدل على أنها عمرة تامة" لعل المراد من حيث الثواب؛ لأنه لم يأت من أعمالها بشيء سوى الإحرام، قاله شيخنا "وفيه إشارة إلى حجة قول الجمهور أنه لا يجب القضاء على من صد عن البيت خلافا للحنفية" زاعمين بأن عمرة القضاء إنما سميت بذلك لكونها قضاء عن التي صد عنها ولا يصح ذلك "فلو كانت عمرة القضية بدلا عن عمرة الحديبية لكانتا واحدة" والصحابة الفقهاء الفهماء عدوهما ثنتين "وإنما سميت عمر القضية والقضاء؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- قاضى قريشا فيها" على أن يأتي من العام القابل يعتمر ويقيم ثلاثة أيام "لا أنها وقعت قضاء عن العمرة التي صد عنها، إذ لو كان كذلك كانتا عمرة واحدة" وقد عدهما الصحابة اثنتين.
"وأما حديث أبي داود عن عائشة أنه اعتمر في شوال" السابق آنفا "فإن كان محفوظا فلعله" أي: الراوي عائشة "يريد عمرة الجعرانة حين خرج في شوال، ولكنه إنما أحرم في ذي

<<  <  ج: ص:  >  >>