للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فدعاهم إلى الإسلام فلم يجيبوه، فأتى ظل شجرة فصلى ركعتين ثم قال: "اللهم إليك أشكو". فذكره.

وقوله: يتجهمني -بتقديم الجيم على الهاء- أي يلقاني بالغلظة والوجه الكريه.

ثم دخل عليه السلام مكة في جوار المطعم بن عدي.


حائطا يطيف ببلدتكم، فبناه. أو لأن الطائف المذكور في القرآن وهو جبريل اقتلع الجنة التي كانت بصوران على فراسخ من صنعاء، فأصبحت كالصريم وهو الليل وأتى بها إلى مكة فطاف بها ثم وضعها به فكان الماء والشجر بالطائف دون ما حولها؛ أو لغير ذلك أقوال.
"فدعاهم إلى الإسلام" أو إلى نصره وعونه حتى يبلغ رسالة ربه، "فلم يجيبوه" لا إلى الإسلام ولا إلى غيره، "فأتى ظل شجرة" من عنب، فعند ابن إسحاق جلس إلى ظل حبلة بمهملة فموحدة مفتوحة، قال السهيلي: وسكونها ليس بالمعروف، أي: كرمة اشتق اسمها من الحبل؛ لأنها تحبل بالعنب، ولذا فتح حمل الشجرة والنخلة فقيل: حمل بفتح الحاء تشبيها بحمل المرأة وقد يقال حمل بكسرها تشبيها بالحمل على الظهر، انتهى. "فصلى ركعتين" قبل الدعاء ليكون أسرع إجابة وليزول غمه وهمه مناجاة ربه فيها، "ثم قال: "اللهم إليك أشكو" ... فذكره بنحو ما أورده ابن إسحاق، وقد بينا ألفاظه التي زادها ونقصها.
"وقوله: يتجهمني بتقديم الجيم على الهاء" المشددة "أي: يلقاني بالعلظة والوجه الكريه" قاله في النهاية، وقال الزمخشري: وجه جهم غليظ وهو البائس الكريه ويوصف به الأسد وتجهمت الرجل وجهمته استقبلته بوجه كريه، وقيل: هو أن يغلظ له في القول ومن المجاز الدهر يتجهم الكرام، وتجهمه: أمله إذا لم يصبه، "ثم دخل عليه السلام مكة في جوار المطعم بن عدي" بعد أن أقام بنخلة أيام، وقال له زيد بن حارثة: كيف دخل عليهم وهم قد أخرجوك؟ فقال: "يا زيد إن الله جاعل لما ترى فرجا ومخرجا، وإن الله مظهر دينه وناصر نبيه"، ثم انتهى إلى حراء، وبعث عبد الله بن الأريقط إلى الأخنس بن شريق ليجيره، فقال: أنا حليف والحليف لا يجير، فبعث إلى سهيل بن عمرو، فقال: إن بني عامر لا تجير على بني كعب، فبعث إلى المطعم بن عدي فأجابه فدخل صلى الله عليه وسلم فبات عنده، فلما أصبح تسلح المطعم هو وبنوه وهم ستة أو سبعة، فقالوا له -صلى الله عليه وسلم: "طف، واحتبوا بحمائل سيوفهم بالمطاف"، فقال أبو سفيان للمطعم: أمجير أم تابع، قال: بل مجير، قال: إذن لا تخفر قد أجرنا من أجرت فقضى -صلى الله عليه وسلم- طوافه وانصرفوا معه إلى منزله، ذكر ابن إسحاق هذه القصة مبسوطة، وأوردها الفاكهي بإسناد حسن مرسل، لكن فيه أنه أمر أربعة من أولاده فلبسوا السلاح وقام كل واحد عند ركن من الكعبة،

<<  <  ج: ص:  >  >>